الـــــــــــرأي

مراكش .. الجهة التي تسيرها النساء

محمد بركوش 

    لم يظهر للسيدة العمدة فاطمة الزهراء أثر، فضلت أن تغيب عن الملتقى الإقليمي حول: “التمكين السياسي للنساء في شمال إفريقيا والشرق الأوسط في ضوء التحولات الراهنة”، وهو الملتقى الذي عقد الأسبوع الذي ودعناه بمدينة مراكش الحمراء، تحت إشراف إحدى الجمعيات التي يروق لها أن تُبْعث قبيل الانتخابات، نظرا لما توفره تلك الجمعية لرئيستها من “دعم انتخابي” إن صح التعبير، وما تضمنه من فوز بطعم الهزيمة.

أبت السيدة العمدة إلا أن تتخلف عن اللقاء الهام دون أن نعرف الأسباب، رغم شحذ كل إمكانات التساؤل من أجل الفهم، وإن كان البعض يرجح (بالحاء) انشغالها بالصيغة التي ستدبج بها تنازلها عن الشكاية المقدمة ضد أحد مستشاريها، بعد أن وجدت نفسها مجبرة على ذلك نظرا لحاجتها إلى صوته في عملية انتخاب نوابها أو إعادة انتخابهم، النواب الذين ألفتهم (والولف صعيب)، وربطت معهم صداقة (أو نصف أخوة كما عبرت عن ذلك)، يصعب القفز عليها، خاصة في الظرف الحالي، رغم وضعيتهم التي لا تسمح لهم بالتمثيلية أو الاستمرار فيها، بسبب المتابعات والمحاكمات والتي لم ينج منها إلا من رحم ربك، تلك المحاكمات التي تفجرت معها فضائح مدوية على لسان ممثل النيابة العامة الأستاذ الراشدي أثناء مرافعته إلى الوراء عندما كان يرافع بالبذلة السوداء إلى جانب زملاء له مشهود لهم بالبراعة والاحترافية أمام قضاة في مستوى المحاكمة العادلة التي تحترم فيها حقوق الدفاع بشكل فعلي وملموس، وتتحقق فيها العدالة والمواساة، ويستشار فيها الأطراف في حالة تغيير الوقت، حتى لا تتسرب الشكوك كما قال الأستاذ المدهون دفاع “ترانسبرانتي” الذي كان صارما وجريئا، خاصة عندما أفصح عن تخوفه من خلال سؤال كبير جدا، (إلى كاينة شيء حاجة في هذا الملف كولها لينا)، في إشارة وكما أسر إلي أحد الزملاء إلى قضية “التقني” الذي استفاد من السراح المؤقت.

تتمة المقال بعد الإعلان

لقد عبرت السيدة العمدة عن فرحتها بعدة الصداقة إلى سابق عهدها بدموع غير عادلة، ذرفتها في الوقت الضائع كما قالت الشاعرة وفاء بومهدي، وفي نفس الوقت أصرت بغيابها عن اللقاء على أن تعاقب ثقة المرأة المراكشية، وأن تقتص من تجاوبها معها في لحظات كانت قاسية، وأن تتخلى عن الوعود التي أخذتها على عاتقها، منها توسيع دائرة المشاركة النسائية وإخراج مبدأ المناصفة من دائرة الشفوي وإخضاعه للسير على أرض الواقع، وتأهيل المرأة لتكون في مستوى المغرب الجديد، ولذلك لم يهتم المتتبعون للموضوع الذي طرح للنقاش، ولم يتفاعلوا مع المداخلات التي وردت كما قال أحدهم كنتيجة لما تجنيه المدينة الخالدة اليوم من “قطاف كارثي” على كل المستويات، رغم الكلمة اللامنكسرة والتي ألقتها الزميلة “حياة” بهدوء ودون خروج عن السياق أو إساءة إلى المشهد العام، وكأنها تمنحها بتمكنها وفصاحتها قوة الأعالي كما يقال: تلك الكلمة المشعة بلا نطق، والتي أثارت الكثير من الجدل ورسمت العديد عندها من التساؤلات التي تقتضي الوقوف عندها ميلا، في انتظار انتقاء الحلول الملائمة، منها مثلا “تفشي العقلية الذكورية داخل الأحزاب، وغياب إرادة سياسية حقة لدى هذه الأخيرة…”.

لقد استغربت الأستاذة حياة (وهي مستشارة جماعية ومحامية) من تفشي وسيادة العقلية الرجولية، وانتشارها بشكل مرعب في الساحة السياسية، مستدلة بحالة المجلس الجماعي لمدينة الحمراء الذي يضم 96 مستشارا ولا تزينه إن صح التعبير سوى تسع نساء، وأكيد أن المتدخلة لم تنتبه إلى سطوة المرأة على كل المجالس بما فيها المجلس الجماعي والمجلس الإقليمي الذي يجهل الدور الذي يقوم به، كما لم تنتبه إلى سيطرتها على كل الكراسي الرئاسية حتى تلك التي كانت منذورة إلى شخصيات معروفة يتذكرها الكل بخير ويعدد أياديها البيضاء على المدينة، ولم تلتفت (أي المتدخلة) إلى تحكمها في كل مواقع المسؤولية رغم أن نسبة تمثيليتها لا تتعدى نسبة تسعة في المائة (%9) إن لم يكن أقل.

والي جهة مراكش تانسيفت الحوز تناول الكلمة أمام الحضور، وأبان فيها عن علو كعبه المعرفي ومستواه العلمي، وثقافته الواسعة، حيث ركز فيها على مشاركة المرأة الفعلية كمنتخبة، وتحملها المسؤولية بكل أمانة وإخلاص، معتبرا المغرب من الدول التي شهدت مؤخرا تحولات إيجابية، وليست كتلك التي تجري في ظل الاستمرارية، اعتمادا على الحاجة إلى الآخر (أي المرأة) لقراءة ما تيسر من خطوات المسار الطويل، وتأسيسا على مقولة الشاعر رامبو: “الآخر هو الطريق إلى الفهم” معبرا في الأخير عن اعتزازه الكبير بالإشراف على جهة “تسيرها النساء، سواء المجلس الإقليمي أو المجلس الجماعي أو مجلس المقاطعة”، ويلعب فيها المجتمع المدني الدور المنوط به، (رغم ما يعانيه من تغييب في بعض الأحيان) بشكل جدي وكامل، يترجم “المشاركة في الهيئات التقريرية بكل ما في الكلمة من معنى” تلك المشاركة التي يمكن أن تكون نموذجا مشعا على البلدان العربية التي مازالت “تبحث لها عن أنجح السبل للوصول إلى هدف المساواة الحقيقية من خلال وضع أسئلة متينة تشارك من خلالها المرأة إلى جانب الرجل بدون إقصاء كما قال الوالي”.

تتمة المقال بعد الإعلان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى