روبورتاج

الكولونيل المتقاعد عبد الله المنصوري يتهم جيش التحرير بالاستيلاء على ممتلكات عائلته

     يحكي الكولونيل المنصوري المتقاعد عن عمله ضمن اللجنة التي كلفت بإدماج أعضاء جيش التحرير بالجيش الملكي رفقة الدكتور الخطيب، ويوضح بأن المقاومين كانوا يأتون من مختلف المدن المغربية، وكانت الدولة تفتح لهم أبواب المدارس كي يسكنوا فيها، “كانت القوات المسلحة الملكية قد تأسست سنة 1956، وقتها لم يكن محمد بنحمو يعترف بالجيش الملكي (قائد جيش التحرير في  الجنوب)”، يقول المنصوري.

المصدر نفسه، يؤكد أن تلك الفترة تميزت بصراع حاد بين كل من جيش التحرير وحزب الاستقلال، “كل منهما يريد أن يحكم”، ويضيف بأن أغلبية أعضاء جيش التحرير التحقوا بالجيش الملكي، ولكن “كان هناك بعض الكذابين”، يقول المنصوري لم تكن هناك طريقة لضبط العمل الذي كانوا يقومون به، علما أن نفس المصدر سبق أن أكد أن بعض أعضاء جيش التحرير طلبوا رتبا عالية في الجيش الملكي نظير التحاقهم بصفوفه.

————–

تتمة المقال بعد الإعلان

     يتذكر عبد الله المنصوري جيدا ذلك اليوم الذي لبس فيه علال الفاسي الزعيم التاريخي لحزب الاستقلال كسوة جنرال في الجيش، فالتحق بالاستعراض العسكري الذي كان منظما في فاس وجلس في المنصة الرسمية إلى جانب الحسن الثاني (ولي العهد وقتها)، علما أن القوات المسلحة الملكية كانت تأسست سنة 1956 ونظمت استعراضها الأول في الرباط، بخلاف الاستعراض الثاني الذي نظم سنة 1957.

“شاهدت علال الفاسي بعيني وهو يرتدي كسوة جنرال، في الوقت الذي لم يصل فيه البعض داخل الجيش الملكي إلى درجة كومندار..”، يحكي المنصوري الذي يؤكد أن هذه الواقعة أغضبت الحسن الثاني الذي رفض ما سماه الفوضى، فأمر علال الفاسي بأن ينزع تلك الكسوة.

هذه الواقعة التي قد تكون سببا لميلاد “سوء فهم” بين الجيش الملكي وحزب الاستقلال، وقعت تحت أنظار الرجل القوي محمد أوفقير، الذي تورط فيما بعد في انقلاب عسكري.. وكان حينذاك مجرد ملحق عسكري لدى الملك محمد الخامس، وكان معروفا بعمله مع شخصيات ذات وزن دولي(..)، بخلاف علال الفاسي الذي لم يكن موقرا داخل صفوف العسكر، وكان البعض يعرفه في “صوت القاهرة” دون أن يكون له ذلك الأثر البالغ في  النفوس(..).

تتمة المقال بعد الإعلان

وتنفرد “الأسبوع” بنشر الصورة الوحيدة، التي تؤكد ما يحكيه المنصوري عن علال الفاسي، حصلت عليها من مصادرها الخاصة، وكانت قد نشرت بجريدة العلم يوم 2 نونبر 1957، مرفوقة بالتعليق التالي: “في أواخر الأسبوع الماضي انتهى السيد الصادقي مكوار مصور جريدة “العلم” بفاس من رسم صورة زيتية ذات حجم كبير للأستاذ علال الفاسي زعيم حزب الاستقلال يرتدي الزي العسكري، وقد سافر فور النهاية من رسمها إلى مدينة طنجة (المقصود مكوار)، واتصل هناك بالسيد الزعيم (المقصود علال الفاسي) الذي أباح له ترويجها بعد أن أعجب بها إعجابا كبيرا”.

 التاجر الكبير و اليهود

غالبا ما يتم الحديث عن جيش التحرير ارتباطا بمعاركه وملاحمه ضد الاستعمار، لكن الكولونيل المنصوري يكشف تفاصيل غير متداولة على نطاق واسع، وهي تلك التفاصيل التي لجأ فيها جيش التحرير إلى “التطاول” على ممتلكات بعض المغاربة.

وبغض النظر عن تلك الحكاية التاريخية التي تشرح أسباب الخلاف بين الباشا التهامي الكلاوي، ومعاتبته للسلطان محمد الخامس  يوم 23 دجنبر 1950، بسبب دعمه الكبير لحزب الاستقلال، حيث نسبت له قولته الشهيرة: ” لستم إلا ظل سلطان، لم تعودوا سلطان المغرب، أنتم سلطان حزب الاستقلال”.. فإن عائلة الكلاوي يضرب بها المثل في مجال العائلات التي تمت معاقبتها على يد جيش التحرير، غير أن العقاب شمل أيضا عائلة “حسن المنصوري” والد عبد الله المنصوري الكولونيل المتقاعد حاليا.

“كان والدي حسن المنصوري تاجرا كبيرا، وله علاقات تجارية كبيرة مع اليهود، وحدث أن دخل يوما في صراع مع بعض أبناء القايد العيادي في مراكش، فذهب ليشتكيهم للملك محمد الخامس، غير أن المفاجأة تمثلت في كون الملك محمد الخامس اقترح على المنصوري الأب اللجوء إلى الباشا الكلاوي باعتباره الشخص الذي يمكنه حل المشكلة بين العيادي والمنصوري، وإن كانت العائلتان اليوم تتمتعان بقدر كبير من الصداقة المتبادلة.

كان المنصوري قد تكبد خسائر مالية كبيرة رفقة بعض التجار اليهود الذين اقتنوا الأطنان من مادة الصوف من أجل بيعها للجيش الأمريكي الذي كان يستعد للدخول في حرب ضد كوريا لكن هذه الحرب لم تتم فمُني التجار بخسارة منقطعة النظير، فوجدها الكلاوي فرصة ليعرض على التاجر المنصوري مبلغا ماليا كبيرا كسلف، وكانت غايته من ذلك الحيلولة دون أي تحالف مستقبلي بين العيادي والمنصوري، “فأعطاه 23 مليون سنتيم”، يقول عبد الله المنصوري الذي يؤكد أن والده كان صاحب ممتلكات كبيرة راكمها بفضل التجارة.

بفضل هذه الواقعة ظل المنصوري الأب يتردد على الباشا الكلاوي بين الفينة والأخرى في المناسبات والأعياد فنشأت صداقة بين العائلتين، غير أن ذلك لم يكن سوى مقدمة لمحنة سيعيشانها بشكل مشترك، في مواجهة جيش التحرير.

 عائلاتا الكلاوي والمنصوري.. عنوان لمعاناة مشتركة

كل من عائلة الكلاوي والمنصوري تشتركان في المعاناة حسب ما يحكيه عبد الله المنصوري الذي يؤكد أن أعضاء جيش التحرير طلبوا من والده دفع مبلغ 3 ملايين سنتيم بعد حصول المغرب على الاستقلال، ولكنه رفض، فكان ذلك سببا في اعتقاله رفقة بعض أفراد عائلة الكلاوي، حيث سجنوا في الكارة ثم انتقلوا إلى نواحي برشيد(..)، حسب ما يحكيه المتحدث نفسه الذي يؤكد وجود صداقة بينه وبين بعض أبناء الكلاوي.

“عندما ألقي القبض على والدي من طرف جيش التحرير، وبعد تسليمه للحكومة ذهبت عند الحسن الثاني عندما كان وليا للعهد مكلفا بالجيش وأخبرته بالموضوع فأمر مولاي أحمد العلوي، وقال له أن يتصل بوزير الداخلية ليبحث في ملف عائلة المنصوري.. وزير الداخلية أجاب بأن الملف فارغ..”، ..هذا ما يحكيه المنصوري الذي يؤكد أن والده تجاوز المحنة، لكنه يؤكد بالمقابل أن بعض أعضاء جيش التحرير لم يكونوا راضين على عملية إطلاق سراح المنصوري.

وقتها كان للفقيه البصري والمهدي بنبركة نفوذ كبير في جيش التحرير، ولم يكونوا ينظرون بعين الرضى إلى عائلات مثل عائلة الكلاوي والمنصوري، فتم الحجز على ممتلكات الأولى، وتمت مصادرة نصف ممتلكات العائلة الثانية، وكانت تلك طريقة مغربية لمحاكاة التجربة التونسية(..).

 الملف الذي وصل إلى الحسن الثاني 

يؤكد المنصوري أن ملف مصادرة أملاك والده من طرف جيش التحرير كان قد وضع على طاولة الحسن الثاني، كما يؤكد أن العائلة طرقت كل الأبواب للدفاع عن حقوقها المشروعة لاسترجاع ممتلكاتها، غير أن كل الجهود باءت بالفشل يؤكد المنصوري، الذي يشير إلى أن المغاربة التفوا حول الملك محمد الخامس لأنه كان الوحيد القادر على تجميع الجميع “جيش التحرير كان ضاسر”، ولو لم يتدخل الملك محمد الخامس لتهدئة الجميع لوقعت الفوضى، بعد اغتناء قياديين من جيش التحرير على حساب المواطنين، هذا ما يؤكده المنصوري الذي يتذكر جيدا ذلك اليوم الذي أطلقوا فيه البراح في الأسواق ليعلن أن ممتلكات عائلته معروضة للكراء في المزاد العلني.

كما يتذكر قصته مع بنحمو قائد جيش التحرير الذي يتهمه بمحاولة تصفيته، في ثكنة طنجة عن طريق مبعوثين، “اعترف لي أحدهم جينا نقتلوك”، يتذكر المنصوري الكثير من التفاصيل(..) غير أنه يأمل اليوم في إعادة فتح هذا الملف وإنصاف عائلته عما لحقها من جيش التحرير.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى