المنبر الحر | الإسلام والمخدرات
بقلم. د يوسف الكتاني
أعجبني وراقني المراقبة الصارمة، والتفتيش الدقيق الذي لجأت إليه الشرطة والدرك المغربيان، وكذا رجال الجمارك على مهربي المخدرات ومروجيها وبائعيها المنتشرين في الأرض ليملأوها عبثا وإفسادا، مما بان أثره في مجتمعنا، وظهرت عوامل الاحتياط والخوف لدى المهربين.
وذلك ما يدعونا إلى إعلان رأي الإسلام في هذا الداء الخبيث الذي يعبث بعقول أبنائنا، ويفسد أخلاقهم وسيرتهم، فقد جاءت الشريعة الإسلامية شاملة لمطالب الحياة في كل زمان ومكان، ولذلك حرصت على تطهير المجتمع، والسمو به إلى المنزلة العليا التي أرادها الله للناس تكريما وتفضيلا، من أجل ذلك حرم الدين كل ما يحط بالمجتمع، ويناله بسوء، وكان من القواعد الشرعية رعاية الكليات الخمس: حفظ الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال، وجعلها مناط المصلحة والاستقرار كما أكد الإمام الغزالي بقوله: وهو أن يحفظ عليهم دينهم ونفسهم وعقلهم ونسلهم ومالهم، فكل ما يتضمن حفظها واقع في رتبة الضرورات ولا تتحقق إلا بأمور:
1- أن يكون كل عضو في المجتمع سليما.
2- وأن يجتنب كل عضو ما يضر بالجسم والعقل والصحة.
3- كل آفة أو مرض يصيب العضو يكون شرا عليه وعلى المجتمع في آن واحد.
ولما كانت المسكرات والمخدرات آفة تحجب العقل، وتضر بالصحة وتهد الجسم والأعصاب، وقيدا يجعل الإنسان ذليلا، فقد حرمها الله وجعلها خبائث، وشدد العقاب على متناولها ومروجها والمتاجر فيها، وصانعها صيانة للعقول، وصيانة للمجتمع بقوله تعالى: “ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين”، وهو ما أكده الرسول الكريم بقوله: “نهى رسول الله عليه السلام عن كل مسكر ومفتر”.
والمخدرات الممنوع تعاطيها شرعا هي ما يثبت مضرتها أو تخديرها لمستعملها كالحشيش، والأفيون، والقات وغيرها من الأنواع التي تعدت ألفا وستمائة نوع سواء منها الطبيعي أو المصنع.
ولهذا كانت المخدرات حراما شأنها شأن الخمر، يجلد صاحبها ويعزر – بضرب – بل هي أخبث من الخمر وأضر، لأنها تفسد المزاج والعقل حتى يصير متناولها خاملا بليدا. ولذلك ثبت الإجماع على تحريمها لما تؤدي إليه من فساد خلقي، وضعف جنسي.
لذلك ينبغي التعاون على محاربتها بين الأفراد والجماعات، ومقاومة انتشارها، خاصة وأن الإدمان عليها يؤدي إلى التسمم والانتحار والبطالة، ومختلف الجرائم المضرة بالمجتمع. وهو ما حذر الإسلام الناس منه، وهو ما دفع المشرع إلى التشدد في إقامة الحد والتعزير على متناولها والمتجر فيها، ومهربها وناقلها.
وقد كانت تجارب بعض الأمم ناجحة صائبة في هذا المجال، حيث جعلت عقوبة الإعدام جزاء لها كالصين مثلا، مما دفع للقضاء على هاته الجريمة النكراء.
ولنا في العقاب الإسلامي خير دواء وعلاج لمحاربة هذا الداء وخاصة بالوسائل التالية:
– تقوية الإيمان في النفوس بقيم الإسلام وتعاليمه.
– تبيين الحلال والحرام وحدودهما لشبابنا.
– التشدد في منع دخول المخدرات وترويجها وتقوية المراقبة.
– التنبيه إلى مضارها بمختلف الوسائل.
– تطبيق العقوبة على أصحابها.
إن أخطار المخدرات وأضرارها كثيرة، وأعظمها تعريض صحة شباب الأمة وعقولها وطاقاتها إلى الضياع، ولذلك كان قليلها ككثيرها حراما. وبالله التوفيق.