أباطرة الإسمنت، سبب إقصاء مركب محمد الخامس من احتضان نهائيات كأس إفريقيا
من ملعب مارسيل سردان إلى الملعب الشرفي، ليتم تسميته في نهاية المطاف مركب محمد الخامس تكريما للمغفور له، أب الأمة وقائد معركة التحرير والاستقلال.
مركب محمد الخامس يعتبر من أعرق وأحسن الملاعب الإفريقية، يتم إقصاؤه بدون مبرر، وظلما وعدوانا من احتضان نهائيات كأس إفريقيا التي سيحتضنها المغرب في شهر يناير 2015، والتي تعتبر عرسا كرويا كبيرا، ومناسبة جيدة لإنجاح هذه الدورة على غرار نهائيات كأس العالم للأندية البطلة التي عرفت نجاحا منقطع النظير بشهادة الفيفا.
ترى ما هي الأسباب الحقيقية لحرمان هذه المعلمة الكروية وإبعادها من هذه النهائيات؟
قبل الجواب عن هذا السؤال المحير، يجب أن نتذكر في البداية اللحظات الرائعة، والمباريات الحاسمة التي احتضنها هذا الملعب.
ترى من أين سنبدأ؟ هل من أول نهاية لكأس العرش التي دارت بين الوداد البيضاوي ومولودية وجدة والتي ترأسها المغفور له الملك محمد الخامس طيب الله ثراه؟ أو من اللقاء الخالد الذي جمع المنتخب المغربي ضد نظيره الإسباني برسم إقصائيات كأس العالم 1962 المؤدية إلى الشيلي؟
الحديث عن هذا الملعب الرائع ذو شجون، ولا يمكن لنا حصره في مباراة واحدة..
كلنا كذلك نتذكر دوري محمد الخامس الذي كان يجمع أقوى الأندية العالمية كريال مدريد وبرشلونة، وبوكا جيونيور الأرجنتيني، وبوتافوكو البرازيلي، والنجم الأحمر لبلغراد اليوغوسلافي، وسطاد ريمس الفرنسي، والقائمة طويلة جدا.. كل هذه الفرق العريقة مرت من مركب محمد الخامس (الملعب الشرفي سابقا)، وأمتعت الجماهير المغربية خلال هذا الدوري الذي يرجع كل الفضل لتنظيمه لرجال أقوياء وضالعين في كرة القدم، وعلى رأسهم المرحوم النتيفي الذي تمكن وبفضل علاقاته المتشبعة من أن يقنع كل هذه الأندية للمشاركة في هذا الدوري الذي كان يتمتع بسمعة عالمية.
هذا دون الحديث عن التظاهرات الكبيرة والرائعة التي احتضنها هذا المركب المتواجد في العاصمة الاقتصادية للبلاد، والتي يتواجد فيها أكبر فريقين في المغرب وهما الوداد والرجاء اللذان يتوفران على أكبر قاعدة جماهيرية في المغرب، تظاهرات مثل ألعاب البحر الأبيض المتوسط سنة 1983 ونهائيات كأس إفريقيا للأمم سنة 1988 والألعاب الفرنكفونية سنة 1989.
كل هذه المحافل والأعراس الرياضية التي نظمت بمركب محمد الخامس لم تشفع له أن يحظى مجددا باحتضان نهائيات كأس إفريقيا لسنة 2015.
أما جوابنا عن هذا الإقصاء غير المبرر، هو تهافت أباطرة العقار على هذا الوعاء الذي يساوي الملايير في مدينة أنهكها الإسمنت، وفقدت جمالها وهندستها التي كانت تميزها عن كل مدن المغرب.
أباطرة الإسمنت ومافيا العقار، جندوا سماسرة محترفين ليروجوا أسطوانة بئيسة وهي أن الدار البيضاء أصبحت في حاجة إلى ملعب كبير خارج المدينة، وأن المركب الحالي بمثابة قنبلة قابلة للتفجير في أي وقت. ربما أن هؤلاء الأباطرة ليس في علمهم بأن أعرق وأكبر الملاعب العالمية والأوروبية تتواجد في وسط المدينة كملعب حديقة الأمراء بباريس، والملعب التاريخي ………. في لندن، والأمثلة كثيرة جدا..
فمن العار أن نقصي مركب محمد الخامس من هذه التظاهرة، من أجل عيون هؤلاء الأباطرة الذين عاثوا في الأرض فسادا، ومازالوا يطمعون في إقبار معلمة رياضية يمثل جزءا من الذاكرة المغربية، وخير شاهد على أعظم الأحداث التي عاشتها الرياضة في هذا الوطن الذي ابتلى وللأسف الشديد بأشخاص وصوليين، همهم الوحيد هو تكديس الأموال، ضاربين عرض الحائط مصلحة الوطن والمواطنين.