جهات

أسفي | المدينة التي خرجت حرفيين وصناع تقيلديين عجزت عن تأطير شبابها

    عندما تمر من أزقة وشوارع مدينة أسفي العريقة والتاريخية لا يثير انتباهك أي شيء سوى سورها الآيل للسقوط، فلا أثر ولا بصمة لفنانيها المبدعين وصناعها التقليديين المعروفين منهم والمغمورين، والوافد إليها لا شيء يوحي له بأن هذه المدينة لها خصوصيات متميزة بتاريخها، وموروثها الحضاري والثقافي، بجمال طبيعتها، وبهاء شواطئها، ورمالها الذهبية، وغاباتها، ووديانها، وأسماكها الطرية(..).

كما لا يجد أبناء هذه المدينة متنفسا لقضاء أوقاتهم، وتفريغ طاقاتهم، وصقل مواهبهم وملكاتهم، فلا مجال للحديث عن فرجة مسرحية أو عن فرجة سينمائية، ولا حتى عن فرجة كروية شيقة وممتعة يوم الأحد، فلا مبادرات لتلقين شبابنا مبادئ أساسية في المسرح والتمثيل والفنون التشكيلية والموسيقى، فالفنان والرياضي في هذه الأرض الطيبة يعتمد فقط على مواهبه واجتهاداته الخاصة، فهناك شبه غياب للجمعيات والمؤسسات فلا تنشيط هادف ولا فعالية تذكر في هذا المجال. هل الجمعيات الفاعلة والنشيطة على قلتها ممكن أن تلبي وتغطي حاجيات ورغبات أطفالنا وشبابنا؟ هل الجانب الثقافي لم يعد يحظى بالأولوية والاهتمام؟ وهل أصبح مفهوم العمل الجمعوي مرتبط عند البعض بالحافز والمكافأة؟ هل الإمكانيات المادية والطاقات البشرية غائبة؟ واضح أن الكثيرون يروجون ذلك تحت غطاء أن مصادر المعرفة تعددت، وأن بإمكان الفرد أن يعلم ذاته، وينمي رصيده ومكتسباته، فيضغط على زر الحاسوب المزود بشبكة الإنترنيت ليحصل على كل ما يريد في ثوانٍ معدودة. لكن كيف سيعبر هؤلاء عن ذواتهم، وواقعهم، وعن أوضاعهم، وخصوصيات مجتمعهم؟ كيف ستترسخ القيم المجتمعية التي يتم اكتسابها في المؤسسة التعليمية في أذهان وسلوك أبنائنا؟ كيف سنقوم بالتربية على الإبداع انطلاقا من ميولات ورغبات هؤلاء إذا لم تتم في نسق نفسي – سوسيو ثقافي؟ والأكيد أن هذه الأمور تغيب عن مؤسساتنا ولا تحظى بالاهتمام والأولوية.

لا أحد يجادل في كون مؤسسات المجتمع المدني لها دور تثقيفي، تساهم في خلق التوازن النفسي والاجتماعي لدى شبابنا من جهة، وتساهم في خلق التنمية على كافة المستويات الرياضية والثقافية والاقتصادية، فجل الأنشطة التي تمارس فيها ينبغي أن تجد لها مثيلا في المؤسسة التعليمية، فوجود قطيعة بين الأسرة والمدرسة والجمعيات كمؤسسات للتنشئة يغيب الاستمرارية والمسايرة بينهما، فالتكامل بين هذه الأطراف أمر طبيعي وضروري، يساعد الفرد على تنمية جوانبه الفكرية والروحية والجمالية، وبالتالي جعله قادرا على التواصل والتفاعل مع الآخر، لخلق الحس الكوني لديه والتشبع بمبادئ التسامح لنبذ العنف بشتى أشكاله.

تتمة المقال بعد الإعلان

محمد أبو المهدي

 

تتمة المقال بعد الإعلان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى