تحقيقات أسبوعية

خاص | مندوب الحكومة يطمس ملف بنبركة.. ومعطيات تسريب مقتضيات تمس الملك والجيش إلى القانون الجنائي

الرباط. الأسبوع     

يستعد مجموعة من الفاعلين الحقوقيين لمساءلة المندوب الوزاري لحقوق الإنسان، حول مصير التعاطي مع ملف “المهدي بنبركة”، حيث سجل الحقوقيون الذين اجتمعوا من هيئات مختلفة مؤخرا في الرباط، عدم إشارة شوقي بنيوب لملف المهدي بنبركة كملف ضمن الإحالات العالقة، في تقرير منجز من توصيات هيئة “الإنصاف والمصالحة”(..)، وهو ما يعني إما أن هناك جوابا رسميا لدى الدولة، أو أن المندوب الوزاري أغفل الموضوع(..).

وينطلق مجموعة من الحقوقيين من اعتبار 2020 سنة الحسم في ملف الزعيم الاتحادي المهدي بنبركة(..).

وفضلا عن التطورات الحقوقية لملف بنبركة، تعيش الساحة القانونية على وقع استمرار الجدل حول مشروع القانون الجنائي الذي لازال يراوح مكانه، وبينما تتجه الأنظار إلى كون “البلوكاج” ناتجا عن مواد متعلقة بتقنين الإجهاض والحريات الفردية، تذهب بعض الأصوات إلى الحديث عن مواد ملغومة مسربة لمشروع القانون الجنائي من شأنها المس بمؤسسة الجيش والملك، خاصة فيما يتعلق بإقرار عقوبات الإعدام (تعيد الأسبوع نشر تصريح سابق للخبير الدولي هشام الشرقاوي لفتح نافذة التعمق أكثر في هذا المشروع).

وتبقى أكبر مفاجأة، هي ما صرح به الخبير القانوني الدولي، هشام الشرقاوي، الذي قال لجريدة “الأسبوع”، بأن ((عقوبة الإعدام المنصوص عليها في مشروع القانون الجنائي الخاصة بجريمة الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، تمس مباشرة الملك والجيش والأجهزة الأمنية، للأسباب التالية، حسب قوله، نصت المادة 1-448 على: “يعد مرتكبا لجريمة الإبادة الجماعية ويعاقب بالإعدام كل من ارتكب قتلا عمديا لأفراد جماعة قومية أو إثنية أو عرقية بصفتها هاته بقصد إهلاكها كليا أو جزئيا”، ونصت المادة 3-448 على: “يعد مرتكبا لجريمة ضد الإنسانية ويعاقب بالإعدام كل من ارتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد مجموعة من السكان المدنيين”، كما نصت المادة 6-448 على أنه “يعد مرتكبا لجريمة حرب ويعاقب بالإعدام، كل من ارتكب قتلا عمديا ضد الأشخاص في إطار خطة أو سياسة عامة أو في إطار عملية ارتكاب واسعة النطاق”)).

إن هذه الجرائم، حسب قول الشرقاوي، بمقتضى القانون الدولي، تعتبر من الجرائم الدولية التي يجب معاقبة كل المسؤولين على ارتكابها، وقد أثبتت التجارب الدولية بأن المسؤولية المباشرة الأولى عن هذه الجرائم تهم رؤساء الدول والقوات المسلحة والأجهزة الأمنية.

كما أعاد الشرقاوي التأكيد على تصريحات سابقة، من حيث أن عقوبة الإعدام المنصوص عليها سالفا، تمس الملك والجيش والأجهزة الأمنية، بالنظر للاعتبارات التالية المنصوص عليها في القانون الدولي الذي أصبح يسمو على القانون الوطني، طبقا لمقتضيات دستور 2011، وهذه الاعتبارات هي كالآتي:

أ) يكون القائد العسكري أو الشخص القائم فعلا بأعمال القائد العسكري، مسؤولا مسؤولية جنائية عن الجرائم الدولية المرتكبة من جانب قوات تخضع لإمرته وسيطرته الفعليتين، أو تخضع لسلطته وسيطرته الفعليتين، حسب الحالة، نتيجة لعدم ممارسة القائد العسكري أو الشخص سيطرته على هذه القوات، وذلك إذا لم يتخذ القائد العسكري أو الشخص جميع التدابير اللازمة والمعقولة في حدود سلطته لمنع أو قمع ارتكاب هذه الجرائم، أو لعرض المسألة على السلطات للتحقيق والمقاضاة.

ب) أما فيما يتصل بعلاقة الرئيس والمرؤوس، فيسأل الرئيس جنائيا عن الجرائم الدولية المرتكبة من جانب مرؤوسين يخضعون لسلطته وسيطرته الفعليتين، نتيجة لعدم ممارسة سيطرته على هؤلاء المرؤوسين.

وأضاف الخبير هشام الشرقاوي، رئيس مركز السلام والعدالة، بأن دستور 2011 ينص على أن ((الملك هو القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية، وهو الذي يعلن الحرب وحالة الاستثناء، ويترأس مجلس الأمن القومي الذي يرسم السياسة الاستراتيجية الأمنية، ويصدر القرارات الخاصة بالأمن القومي))، وهذه منظومة يشارك فيها الملك والجيش والأجهزة الأمنية بكل اختصاصاتها، لذلك، فمسؤوليتهم القانونية قائمة، حسب قوله.

كما تساءل الشرقاوي عن جدوى إصدار عقوبة الإعدام حول هذه الجرائم وقد سبق للبرلمان أن صادق على قانون حصانة العسكريين (المادة 7 والمادة 6)، بحيث تنص المادة 7 على أنه ((يتمتع بحماية الدولة، العسكريون بالقوات المسلحة الملكية الذين يقومون بتنفيذ الأوامر التي تلقوها من رؤسائهم التسلسليين.. ويتمتع العسكريون بنفس الحماية مما قد يتعرضون إليه من تهديدات أو متابعات بمناسبة مزاولة مهامهم، أو أثناء القيام بها أو بعدها))، وأضافت المادة السادسة: ((… يجب على العسكريين العاملين، ولو بعد تسريحهم من صفوف القوات المسلحة الملكية، الالتزام بواجب التحفظ وكتمان أسرار الدفاع والمحافظة عليها في كل ما يتعلق بالوقائع والمعلومات والوثائق التي اطلعوا عليها أثناء مزاولة مهامهم أو بمناسبة مزاولتها، وذلك بصرف النظر عن أحكام القانون الجنائي وقانون العدل العسكري))، إذن، هناك تعارض قانوني واضح بين التنصيص على عقوبة الإعدام والمؤبد في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجريمة الإبادة، وبين قانون حصانة العسكريين الذي يكفل للدولة الحق في حمايتهم بصرف النظر عن كل مقتضيات القانون الجنائي وقانون العدل العسكري؟ 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى