تحقيقات أسبوعية

حسن أوريد يشرح أعطاب “مجتمع الحمير”

          لم تشأ الأقدار أن يكتب حسن أوريد تاريخ المملكة المغربية، حيث تم إبعاده عن منصب مؤرخ المملكة منذ سنة 2010 عبر بلاغ صادر عن القصر، ولكنه عاد مؤخرا ليكتب التاريخ بشكل ساخر.. لم يكتب أي شيء عن المغرب ولكنه فضل التأريخ، لـ”موريتانيا الطنجية” وعاصمتها وليلي.

لم يتحدث أوريد لا عن الرباط ولا عن مكناس المدينة.. ولكنه اختار الحديث عن “أليلي” (وليلي)، عاصمة “موريتانيا الطنجية”، أحد الأقاليم التابعة للإمبراطورية الرومانية.. لم يقل أي شيء في حق الأصالة والمعاصرة(..) ولم يتحدث عن شباط، ولم يتحدث عن العدل والإحسان، ولكنه اختار الحديث عن التاريخ القديم للمغرب.

كل شيء يمكن أن يقوله حسن أوريد، قابل للتأويل(..)، لذلك فإن أول محاولة منه لكتابة التاريخ جعلته يرتمي في أحضان الرواية، وهي ذلك الجنس الأدبي الذي يسمح بالتمرد إلى أبعد الحدود، دون أن تكون لأحد السلطة على محاكمة الكاتب، لأننا نتحدث في الأدب، تماما كما يفعل بن كيران عندما يعزو كل الفشل إلى وجود “التماسيح”(..).  

مناسبة هذا الكلام هي الكتاب الذي أصدره حسن أوريد، مؤخرا، تحت عنوان “سيرة حمار”.. أوريد المثقف وأحد خريجي المدرسة المولوية، عاد بنا الزمن القديم، وحول نفسه إلى حمار، وقال كل ما يحلو له(..)، ولكن “أي تشابه في الأحداث أو الوقائع يبقى مجرد صدفة” في الرواية(..).

الرباط: سعيد الريحاني

——————————

لا تتحدث رواية سيرة “سيرة حمار” عن صاحب الرواية، ولكنها تتحدث عن حكاية الشاب “أذربال” الذي تحول من إنسان إلى “حمار”.. كان يعيش بهموم إنسانية، ولكنه وجد نفسه مجبرا على عيش حياة الحمير بعد المسخ الذي طاله، لكن من يكون “أذربال”.

نشأة الحمار “أذربال”

      هو واحد من سكان أليلي (وليلي)، حياته كحيوات الطبقات المتوسطة، والده “بوكوض يوليوس” يشتغل محاسبا في بلدية المدينة، أما أمه “إيزة” فتتحدر من الملاكين الأصليين الذين يحرثون الأرض ويبيعون نتاجها من الحبوب والزيتون والكروم إلى الرومان، “حافظت أمي على ثقافتها الأصلية، ترفض الحديث باللاتينية رغم حذقها لها وتأبى إلا أن تحدثني بالأمازيغية.. كانت أمي حريصة كل الحرص على أن لا ننغمس في حياة الترف التي تتيحها مدينة أليلي، وألا ننغمر في أساليب حياة الرومان، عكس والدي..”، (سيرة حمار، الصفحتين: 5 و6).

تلقى “أذربال” تعليمه الابتدائي في “أليلي” وهي منطقة قريبة من مدينة مكناس حاليا، وهي نفس المنطقة التي تشهد مهرجانا سنويا للحمير(..)، وكان أبوه حريصا على دفعه في اتجاه دراسة القانون، وكان ملما باللغة اللاتينية، وملما بشكل أقل بلغة الإغريق، غير أنه كان يتحدث الأمازيغية بالسليقة.

درس في “أليلي”، ثم هاجر إلى “قيرطة”، وبعدها إلى قرطاج من أجل استكمال دراسته، قبل أن يحط الرحال بروما، لمدة سنتين، حيث كان الترف يغلب على أهلها أكثر من الجد، وكان يطبعها الميل إلى السياسة على حساب الحكمة، هناك “حيث أضحى لكل شخص من رجال السياسة ثمنا يشترى به، فأزرى ذلك بعظماء روما من المفكرين والفلاسفة، الذين ضاقت بهم سبل العيش.. وتحول بعضهم إلى مستشارين لرجال السياسة يدبجون لهم الخطب وفق ما يريد هؤلاء الساسة.. لا ما تفرضه الحكمة وتقتضيه المصلحة العامة(..).

عاد “أذربال” إلى طنجيس (عاصمة مملكة الرومان وتسمى طنجة حاليا)، غير أنه لم يكن مقتنعا بممارسة مهنتة المحاماة أو القضاء، بعد أن أغوته الفلسفة، وهناك سيتعرف على “تيوزيس” زوجة “أوكتافيو” عضو في مجلس الشيوخ، وكان ممثلا لموريتانيا الطنجية، رجل ثري له أراض شاسعة، وله مصانع عدة لعصر الزيتون(..).

“كانت زوجته ثيوزيس ذات جمال وذكاء، التقى بها في واحد من أسفاره، في إحدى جزر بحر إيجة، فصحبته إلى حيث موطنه بأليلي، وأنجبت منه أولادا ثلاثة.. كانت ذات معرفة، نهلت من معارف الإغريق، وعرفت بعضا من حكمتهم، وإن لم تتعمق في ذلك”، ولكن زوجها ابتعد عنها بسبب هموم السياسة، “فأخذت تستضيف بين حين وحين فلاسفة، وشعراء في أمسيات مغلقة..”.

لعبت هذه المرأة دورا كبيرا في حياة “أذربال”، فقد استضافته يوما، وأصبح يتردد على زيارتها، إلى أن استحكمت علاقته بها، ولكن لم يكن بإمكانه الزواج بامرأة في الأربعين من عمرها، فضلا عن كونها متزوجة من ممثل في مجلس الشيوخ.. وكان “أذربال” قد اقتنع بفكرة حمقاء بعد أن عرضت عليهما “حاتبوت” (ذات جمال أخاذ)، وهي خادمة ” ثيوزيس”، أن يشربا شربا يحولهما إلى طائرين فيحلقا في الأجواء بعيدا عن الحاكم(..).

يصف “أذربال” مشهد تحوله إلى حمار: “نقعت من الشراب فإذا هو سائغ لذة للشارب، ثم نقعت ثانية، وضممت إلي ثيوزيس، فغلبتني نشوة لم أعرفها قط.. ثم شملتني غشاوة، وشعرت بأزرار سراويلي تنفجر، وإذا أيري يمزق قماش سراويلي وقد انتصب انتصابا مذهلا أخجلني، وإذا حجمه يكبر بشكل مريع، وإذا هو أشبه ما يكون بعضو حمار، وقد لجت ثيوزيس في الضحك لهذا المنظر المريع، ثم فجأة انفجرت صارخة، فقد تمزقت ثيابي كلها، وتكلس جلدي، وتحولت يداي ورجلاي إلى قوائم، وإذا أنا حمار، وليس ما كنت أعول طائر يحلق في الأجواء.. سعيت أن أصرخ في وجه حاتبوت، لكي تنقذني، فإذا الذي يخرج من حنجرتي نهيق الحمير، وأسعى ثانية فلا يخرج مني إلا النهيق..”، (سيرة حمار، ص:21 ).

لم يكن أمام الشاب “أذربال” سوى أن يسكت حتى لا يفتضح أمره، بينما كانت ثيوزيس قد هربت رفقة خادمتها، ومن هنا انطلقت معاناة الحمار، بطل الرواية التي كتبها حسن أوريد.

————————

ورطة حمار “خائن”

“أذربال” إذن هو الحمار، لكن من أين للعامل المكلف بتنظيف البيت أن يعرف ذلك، “منظر الحمار في غرفة الضيوف”، لا يمكن أن يفهمه الخدم، لذلك أشبعوه ضربا ورموه في الخارج وأطلقوا الأطفال على أثره لترميه بالحجارة.. وكانوا يعتقدون أن البيت تعرض للسرقة، وأن كلا من “ثيوزيس وخادمتها” اختطفتها، وأن الحمار شريك في هذا الفعل، فنكلوا بالحمار تنكيلا، “وأتى حاكم المدينة وبعض مساعديه، ثم أخذوا معلومات من الخدم، وحدثوه في شأن الحمار، وأمرهم أن يبقوني حيا لاستكمال البحث.. لولا الحاكم لكانوا قضوا علي”.

لم يكن يخطر على بال أحد من سكان أليلي، ما وقع تلك الليلة، لذلك فإن البعض اعتقد أن من اختطف زوجة “أكتافيو”، وخادمتها، والشاب “أذربال” عصابة تريد السوء بمدينتهم، بل منهم من ذهب إلى القول بأن اختطاف “أذربال” يدخل في عملية كبرى والحال أن الحمار المعني بالأمر يعرف الحقيقة كلها.

اضطر “أذربال” ليعيش في مربض الحيوانات، حيث كانت توضع الدواب الضالة، وهناك اضطر للتعايش مع كلب عض بعض السابلة، وبقرة أكلت من زرع واحد من كبار المعمرين.. “كانت البقرة ساهية، أما الكلب فقد بادرني بالنباح وكاد ينقض علي.. وذهب عني النوم، حتى إذا أردت أن أغمض عيني، صرخ الديك، فتعالى نباح الكلب، وأعقبهما مواء البقرة، وأدركت أني لن أستطيع النوم، وبقيت ممدا على الأرض، أزيح بين حين وحين الذباب المتحلق حولي”، يقول “أذربال” في الرواية.

—————————–

عاش القيصر.. عاشت روما

في ظل هذه الظروف يحدثنا حسن أوريد، عفوا “أذربال”، عن اللحظة التي جاء فيها الحاكم ليخطب في سكان أليلي، “مواطنو أليلي المغاوير، لقد عاشت مدينتنا خلال الأيام الثلاثة أحداثا مؤلمة عكرت صفوها، فتم اختطاف زوج شيخنا أوكتافيو وخادمته، وسرق متاعهما، وامتدت أيادي العدوان إلى الشاب “أذربال”، وهو من خيرة شباب “أليلي”، بل موريتانيا، أنشأته روما وأحسنت تنشئته، حتى بلغ أشده لكي يفي بدينه لها اختطفته أيادي الغدر.. إن على موريتانيا أن تظل متيقظة لكل الأخطار التي تتهددها. لقد كنا نخشى خطر البرابرة، ووضعنا لذلك حدودا تفصلنا عنهم، ويتبين مما عشناه أن أخطارا داخلية تحدق بنا، إننا نواجه ظروفا عصيبة ينبغي التصدي لها بحزم.. عاش القيصر عاشت روما”، (سيرة حمار، ص: 33).

الحمار أذربال، كان يسمع هذا الخطاب، وهو يتحسر، فلو أتيحت له فرصة الكلام لتغيرت أشياء كثيرة(..) ولكن السلطة كانت قد زعمت أنه قتل، على أيدي المختطفين، فأقيمت له جنازة كبيرة حضرها حاكم المدينة، فلم يكن أمامه سوى إفساد هذه الجنازة بنهيقه وهو في مربضه، فكان ذلك سببا في إشباعه ضربا من لدن حارس غليظ يحمل عصا بها مسامير(..)

سقط الحمار مغشيا عليه جراء الضرب، فتراءت له بعض الصور، فرأى نفسه شابا يافعا يخطب في سكان أليلي، فقال الكلمة التالية: “ساكنة أليلي، وكل أرجاء موريتانيا الطنجية، بل كل بقعة من أرض الأمازيغ، لقد طوفت أرجاء عدة لأقول لكم إخوتي إنا تأثرنا بحضارات عدة، مثلما أثرنا فيها، وإنه لا خطر يتهدد شخصيتنا العميقة من هذا التفاعل، إن الخطر كل الخطر أن نختزل تلك الشخصية في جانب ونصدف عن التجربة الإنسانية التي أتيحت لنا من الحضارة الفرعونية، فالإغريقية، والرومانية، وقبلها الفينيقية، إخوتي إننا لسنا طارئين على هذا الرصيد الإنساني، لسنا متسولين، هو جزء منا ونحن جزء منه، إن الأمم العريقة هي التي لا تخشى الانفتاح ولا تتأذى من التلاقح، أما تلك التي تروم ما تزعم من صفاء، فيتهددها الذبول..”.

هنا يبدو “أذربال” وكأنه يعطي موقفه من قضية الأمازيغية، ولكن هذا الخطاب المتخيل، تضمن جزئيات أخرى لا تقل أهمية، خاصة عندما يقول: نعم، داعبني في فترة شعور الانغمار في السياسة، وقد صار أمري لو فعلت أن أظفر بلقب يفرض علي الخطاب الذي ينبغي أن أتلوه فلا أخرج عنه، وهل يستطيع الساسة أن يخرجوا من خطاب مرسوم سلفا، هل يستطيعون أن يروا أبعد مما تتيحه مصالحهم، أو ما تفرضه تحالفاتهم، من أجل منصب أو عهد أو لقب؟ لذلك صدفت عن ذلك لأقول لكم الحقيقة وقد تكون مرة..”.

————————————

“المجتمع” الذي يعبد الحمير

مع مرور الوقت، ستتلاشى الحكاية وسيجد “أذربال الحمار” نفسه وهو يباع في السوق البلدي، بعدما رأى أحد الموظفين أنه يكلف ميزانية المدينة عبئا ولم تعد هناك حاجة للإبقاء عليه، فاشتراه رجل شحيح، بعد أن فقد الكثير من وزنه.. كان يعتقد أنه سيرى العالم وسيستنشق عبير الحرية، لكنه سيعاني أكثر مع وصوله إلى السوق، حيث تكدست الحيوانات جميعها، فأخذت تدفع عنها كلما اقترب منها بالركل علها تظفر بحيز لتسرح فيه، وزاد ذلك من جحافل الذباب، التي أقبلت من كل حدب وصوب لتذهب النوم عن الجميع(..).

في هذا المكان سيجد “أذربال” نفسه عرضة للتحرش، من لدن بعض “الأثان”، “كيف لي أن أنزوي على أثان، وأنا لست من الحمير ولو أن شكلي من الحمير، وماذا لو وضعت فيها بذرتي أتكون من الإنسان أم من الحمير.. ولم أشعر إلا وأنا أركبها.. وما كدت أعتليها حتى عضني حمار من رقبتي بقوة وسحبني عن الأثان، ثم ركلني ركلة كادت تصيب عيني لو لم أرفع رأسي، وأمسك الأثان من رقبتها.. كان غريمي قويا ووظف قوته لنيل مبتغاه..”.

لم يكن هذا إلا مشهدا واحدا من المشاهد الحميرية التي عاشها “أذربال”، وقد أصبح ينتظره الخصي، بعد أن انتبه صاحبه إلى كسله.. فكان ذلك أحد الأسباب التي جعلته يهرب، جنوب المدينة، فقادته الصدفة إلى الالتقاء بقوم يعبدون الحمير، فاتخذوه معبودا لهم، “فعينوا شخصا يقوم بشؤوني يدرك لسان الحمير، فدخلت الكهف واستلقيت لأستريح، ثم أتى الشخص وانحنى ثلاثة انحناءات، وأفهمني إن كنت فهمت أنه رهن إشارتي، وأفهمته بإشارة أني أريد أن أنام.. استيقظت في الصباح ووجدت خادمي على باب الكهف ينتظرني.. حدثني حديث الحمير فلم أفقه قوله، ثم حدثني حديث قومه فلم أدر ما يقول.. ثم أخذ يتكلم ببعض الكلمات من الأمازيغية، فأشرت برأسي كناية عن الفهم، وأدرك خادمي أني حمار لا ككل الحمير، وأفهمني أنه سيكتم السر، وحذرني أنه إن انكشف أمري فإن البرابرة لن يغفروا لي ذلك، لأنهم في حاجة إلى معبود يعبدونه، وفق مواصفات وضعوها، فإذا تبينوا أني لا أستجيب لتلك المواصفات، ثاروا علي، واقتصوا مني، وأخبرني أنهم شداد في المغالبة، غلاظ عند المغضبة، وحدثني عن حياته.. وقد وعدني أن يعلمني بعضا من لسان الحمير، وإليه الفضل فيما تعلمت من لسانها وطرائقها.. سايرت البرابرة في ما يبتغون، وحدث بيني وبين خادمي تواطؤ كبير..”.

——————————————

الفرق بين لغة الحمير ولغة البشر

في هذه الأثناء سيتعلم “أذربال” لغة الحمير بسرعة مذهلة، فهذه اللغة تعتمد على التعبير عن الحاجات الأولى أو ردود الأفعال، “يحتاج الحمار إلى الأكل فينهق بطريقة معينة، أو إلى الشراب فيكون نهيقا معبرا عن العطش، يريد أن يأتي أثانا فينهق نهيقا خفيتا، فإذا برحت به الرغبة نهق نهيقا متصلا، ثم إذا هو توصل بنهيق يفيد الأمر، ائتمر من دون أن يجادل أو يفك.. من حسنات لغة الحمير أنها تعدم التفكير، ولا تتوفر على تلك الشيات التي تعرفها لغة الإنسان، ما بين الأحاسيس والأفكار كما في الألوان ما بين الأسود والأبيض، فلغة الحمير لا تعرف التمييز ولا شك وإنما تقوم على أحكام قطعية.. ثم إن هناك حركات معينة للأذنين، والشفتين، والذنب، والقوائم، وكلها تحمل إشارة وتفيد معنى أو معانٍ..”، (سيرة حمار، ص: 53).

وبشكل ساخر يصور حسن أوريد الحمار “أذربال”، وهو يفاتح حاكمه في موضوع “النهوض بلغة الحمير” فكونه في منزلة بين المنزلتين، بني الإنسان وبني الحمير، يؤهله لذلك، ثم إن الأمر سيتيح للحمير أن تفكر بعض الشيء، ولكن خادمه صده عن ذلك وفاجأه بموضوع لم يكن يعرفه وهي أن شيخ الجماعة لا يؤمن بشيء مما تؤمن به هذه الجماعة (جماعة بني سنوس)، كما أنه لا يعتبره (الحمار) من أصحاب الكرامات أو البركة، “ولكنه يظهر الإيمان بما تؤمن به الجماعة، والجماعة درجت على ذلك منذ سالف الأحقاب، وهو محتاج لذلك لأنه يتحكم في رقاب الجماعة، فهي التي تشتغل لصالحه، وهو المستفرد بخيراتها وأموالها وبنيها ونسوتها.. وكان شأن هذه الجماعة غريبا.. فتزعم أن توليها للأمر أمر أرادته السماء، وإن لم يرضخ لذلك تعرض لغضبها، وأن ما بينها وبين السماء وسيط، هو من جنس الحمير تعبده وتتخذه زلفى، وكانت الغالبية من ساكنة تلك الجماعة تشتغل في أشغال يدوية بسيطة.. وتعيش في عزلة عن العوالم المحيطة بها، وتنشر أن تلك العوالم شر كلها، فتثلبها وتحذرها وتحذر منها وتردد قصصا غريبة عنها، أغلبها إن لم يكن كلها ذي موضوع”.

—————————

اندحار نحو مراتب الحمير

كثيرة هي الحالات التي تصف فيها رواية حسن أوريد بدقة متناهية عالم الحمير، من خلال الحديث عن مغامرات “أذربال” الذي اندحر من إنسان إلى حمار، وقد برع صاحب الكتاب في وضع حماره في مواقف غير مألوفة من خلال العمل في سرك رفقة حيوانات أخرى، ومن خلال وضعه في مواقف محرجة وخطيرة بمناسبة الالتقاء مع قبيلة أخرى، قبل أن ينتهي به المطاف في ضيافة حكيم تمت محاكمته بتهمة السرقة، ويتواصل السرد إلى أن يسترجع “أذربال” إنسانيته، من خلال قالب سردي مشوق، لا يمكن قراءته دون إسقاطه على الواقع السياسي الذي تعيشه بلادنا، ولكن التشابه في الأحداث والوقائع مجرد رواية..، (مزيد من التفاصيل في رواية سيرة حمار، لمؤلفها حسن أوريد، وقد نزلت إلى الأسواق حديثا).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى