المنبر الحر | “الميساج” وصل ..
لاشك أن الدكتور فيصل القاسم، صاحب البرنامج الشهير في القناة القطرية، مسح نظارتيه مرة بعد أخرى وحملق في الشاشة الصغيرة بعينين يشع منهما الذكاء المشفوع بالخبث، فتساءل بينه وبين نفسه هل هو في حلم أم في علم؟ وهو يشاهد الملك محمد السادس سليل العرش العلوي – ذي الثلاثة مائة وخمسين سنة – يصلي بخشوع وتواضع وراء الشيخ السلفي، الجبلي ولد قبيلة مرنيسة النائية أبو عبد الحليم محمد بن محمد الفزازي.
ولا شك أنه لم يصدق ما رأى وهو بعد لم ينس هذا “الزلمة” الملتحي حين كان يبهره داخل الأستوديو بصوته الجهوري وفصاحته البليغة وتمكنه من اللغة العربية – وهو القادم إليه من شمال المغرب الأقصى، منطقة الاحتلال الإسباني قبل أقل من ستة عقود – بكيفية كانت تحرج ضيوفه المشارقة خريجي أكبر الجامعات العالمية .
وكأني به يعود بذاكرته الى ما كان قد كتبه زميله في المهنة، أحد فطاحلة الصحافة المكتوبة، ابن الحي الشانزيليزي والخبير في الشؤون المغربية الذي كتب غداة وفاة الملك الحسن الثاني – رحمه الله – ما معناه أن هذا الملك الشاب سيقوم بما لا عين رأت ولا أذن سمعت..
ثم لا شك أن هناك من أصحاب الفزازي من يملكون قلوبا يفقهون بها وآذانا يسمعون بها، سواء منهم الذين يقبعون وراء القضبان – أطلق الله سراحهم –
أو الذين كانوا يصنعون شبه مساجد في أحياء الصفيح والمآرب والقيساريات، هي أبعد من أن تحصيها إدارة الأوقاف أو أن تصلها التوجيهات وخطب الجمعة “التوفيقية”، لاشك أنهم التقطوا الإشارة وفهموا أن الفرصة سانحة للحوار والوفاق وتقارب الأفكار والرؤى فيما يصب – أولا و أخيرا – في مصلحة هذا البلد الأمين المغرب الذي لحم أكتافنا جميعا من خيرات أرضه الطيبة.
يا إخوتي في الله والوطن نحن نرى ونسمع ما يحدث في العالم نتيجة التطرف والطائفية والتعصب العرقي والديني فما أحوجنا إلى تكريس روح الوحدة والتآخي والوطنية الحقة.
الطيب العلمي (الدار البيضاء)