غضبة الخطيب وأحرضان وتفكيرهما في إقامة جمهورية بالريف
الرباط. الأسبوع
كشفت وثيقة من أرشيف المخابرات الفرنسية تحمل رقم 1/B مؤرخة بـ 17 دجنبر 1958، وراجعها الدكتور زكي مبارك رفقة الباحث الزاكي عبد الصمد، أسرارا هامة في موضوع ثورة الريف التي حصلت غداة الاستقلال، اندلعت يوم 7 أكتوبر 1958 وانتهت يوم 13 مارس 1959، ودامت إذن 157 يوما.
وتكمن أهمية هذه الوثيقة الفرنسية، في أنها تكشف خبايا اجتماع حصل بين الحسن الثاني، وزعيمي حزب الحركة الشعبية، الدكتور الخطيب، والمحجوبي أحرضان أبانت – كما تقول الوثيقة – عن برودة مشاعر أحرضان والخطيب تجاه الملك محمد الخامس.
وكان قطبا الحركة الشعبية متذمرين من هيمنة حزب الاستقلال على قرارات الملك، خصوصا بعد أن كلف عبد الله إبراهيم، رئيس الجناح الآخر لحزب الاستقلال بتشكيل الحكومة، مكرسا بذلك ما أسمته الوثيقة ((ترك مصير المغرب حسب أهواء كمشة من السياسيين الذين لا مصداقية لهم)).
وفيما يتعلق بالتفاصيل، كشف التقرير الفرنسي أنه في أعقاب هذه المقابلة الحامية مع الملك شوهد الدكتور الخطيب وزوجته، والحجوبي أحرضان وزوجته يغادران ميناء سبتة في اتجاه إسبانيا.
ويضيف التقرير أن الزعيمين كانا يريدان التوجه إلى سويسرا، ثم إلى القاهرة للبحث عن مصادر مالية من أجل دعم حركة التمرد في الريف، وأنهم حصلوا من المصريين على وعد بدعم ثورة الريف.
التقرير الفرنسي الذي ننشر مقتطفات أصلية منه مع هذا الموضوع، يذهب بعيدا في تضخيم الأزمة وبعد أن يقول بأن الخطيب وأحرضان عادا بصفة سرية إلى تطوان، من أجل الاجتماع بأقطاب تمرد الريف، فإن التقرير الفرنسي ينقل عن أحد المقربين من الخطيب وأحرضان، أنهما فكرا جيدا في التصعيد ((وقطع العلاقات مع الملك، ودرسا احتمال إعلان نظام جمهوري في جهة الريف)).
وكان الحجوبي أحرضان، قد لمح في مذكراته المنشورة أخيرا، الجزء الأول، كيف كانت علاقته وهو عامل على إقليم الرباط، وكان قرار قد صدر بمنع الحركة الشعبية كحزب، يوم 24 أكتوبر 1957، بعدما تأسست في 28 شتنبر 1957، ويعطي مؤشرا للتوتر الذي تحدث عنه التقرير الفرنسي، حيث يكتب أحرضان أنه وهو عامل على إقليم الرباط، جاء لتوديع الملك محمد الخامس عند حدود الإقليم، وهو متجه إلى فاس، وبعد السلام، جره وزير الداخلية إدريس المحمدي وقال له: إن سيدنا يأمرك بأن تقعد في بيتك في انتظار القرار الذي سيتخذ في شأنك.
وهي وضعية تبرز النوايا التي كشف عنها التقرير الفرنسي، ولكن أحرضان ولا الدكتور الخطيب، لم يذكرا في مذكراتهما أي تلميح يؤكد ما ورد حرفيا في التقرير الفرنسي.