المنبر الحر | تحرير الأسعار.. أمر لا مفر منه

إن الإجراءات الشجاعة التي اتخذتها الحكومة في الشهور الأخيرة في تطبيق سياسة المقايسة على أثمان البنزين بصفة عامة ليعد فعلا قرارا شجاعا يفيد أن هناك نية حاسمة في جعل حد للانهيار الذي تعرفه خزينة الدولة.. بكثرة المديونية التي تتهاطل عليها والتي من شأنها أن ترهف الجيل القادم.. ذلك أن سياسة أعمال المقايسة يقصد بها بالأساس تخفيف العبء على صندوق المقاصة بشكل تدريجي، وإن كان هذا الإجراء سوف يجعل المقاولات في حيرة من أمرها لأنها تعودت على دعم الدولة.. وهذا ما سوف يفتح باب الندوات لإيجاد الحلول الناجعة لاستمرار مقاولاتنا على مجابهة معضلة المقايسة بشكل مشرف(..).
وإذا كنا نلاحظ أن من ضمن العوامل التي تقعس منافسة أي مقاولة يتمثل بالأساس في ثمن المنتوج خصوصا الرأسمال وأجور العمال والطاقة وكذا المترتبات الضريبية، إلا أن كل ذلك مرتبط بجودة المنتوج الذي يكون الضامن الأساس لاستمرار المقاولة في أحسن الظروف وفقا لمتطلبات السوق وهذا من اختصاص المقاولة ولا دخل للدولة فيه.. لأن دورها يقتصر على ضمان المناخ الملائم من حيث الاستقرار الاجتماعي والأمني حيث في ظل هذه الأجواء.. يتم تشجيع المقاولات على المبادرة الإنتاجية، طبقا لمعايير اقتصاد السوق(..).
وهناك ظاهرة سلبية تسجل على بعض المقاولات التي تشتكي من ارتفاع ثمن الفيول في حين أن ثمنه بالمغرب يظل من أخفض الأثمنة على صعيد دول البحر المتوسط.. ذلك أنه إذا كانت مساعدات الدولة ضرورية لبقاء مثل هذه المقاولات فإنه يلاحظ أنها لا تعد منتجة ولا مربحة بالنسبة للدولة، لا لشيء إلا لكونها اليد العاملة التي تشغلها تعد هزيلة بقدر ما يكون همها منصبا على رصد الأرباح للمساهمين فيها.
ولكن مع ذلك، فإن سياسة إصلاح صندوق المقاصة والذي يبدو أن حكومة بن كيران عازمة على الاستمرار فيها لتعد فرصة ذهبية بالنسبة للمقاولات لتنهض للميل إلى خيار النقد الذاتي.. ولا أدل على ذلك هو أن المشرفين على أرباب المقاولات بالمغرب مقبلون على نشر دراسات في شأن إشكالية المنافسة.
ومن الضروري أن الإعانات العمومية كما هو الحال سار في الدول المتقدمة يتعين أن ينصب على المقاولات أكثر تنافسية، والتي تعمل جاهدة على التخفيف من شبح البطالة، ومن هنا تبدأ سلسلة إثبات حقيقية الأسعار بكل سلام.

عبد الرحمن المريني(القنيطرة)