المنبر الحر | ما تقيس حقي في تقاعدي
نظمت مؤخرا بمدينة أكادير، إحدى الندوات التنويرية في موضوع حكامة نظام التقاعد، والتي جاءت بمبادرة من إحدى التنظيمات الحزبية في إطار ممارستها لواجبها التأطيري للمواطن المغربي، بعد أن كثر الحديث عن الخطوة التي تنوي الحكومة الحالية تنفيذها بإعادة النظر في نظام التقاعد المعمول به وهيكلته من جديد، عبر إثقال كاهل المواطن المغربي بالعديد من الاقتطاعات، كحل ترقيعي لمشكلة الخصاص الذي بدأت تعرفه صناديق التقاعد دون أن تكلف نفسها عناء البحت عن حلول جذرية تحمل مشروعا إصلاحيا على المدى المتوسط والبعيد، رغم أن المسؤولية بالكامل في إفراغ تلك الصناديق تتحملها بالضرورة السياسة الحكومية المتبعة طوال عقود خلت، وليس المواطن الموظف المغلوب على أمره، الذي كان يضطر إلى الاقتطاع من أجرته الهزيلة أصلا للمساهمة في ضخ الأموال المطلوبة لإنعاش تلك الصناديق أملا في ضمان تقاعد مريح حينما يحين الأوان، غير أن تلك النية البسيطة والمواطنة لم تكن تسايرها سياسات الحكومة المتبعة في السابق، حيت تراجعت عن الالتزام بتعهداتها ولم تكن تؤدي حصتها في تلك الصناديق، مما سبب عجزا واضحا كان من الطبيعي معه البحت عن كيفية تصحيح ذلك الاختلال، غير أن مسؤولينا بطبيعة الحال اختاروا الحل الأبسط والأسهل أو كما يقال بعاميتنا (الحيط القصير) وذلك بالتبشير بإعادة النظر في سياسة التقاعد وهيكلتها من جديد، عبر إثقال جيوب المواطن بالعديد من الاقتطاعات مع سحب العديد من الامتيازات التي سبق أن ناضل من أجلها، وخاصة الرفع من سن التقاعد لتصبح مسألة الاستفادة من التقاعد لذوي الحقوق فقط، بحيث يكون المعني بالامر حينها قد غادر إلى دار البقاء، رغم أن الأعمار بيد الله، غير انه لا يجب تغييب تلك الحقيقة، فطعم التقاعد يكون في الخمس سنوات الأولى من التقاعد، والغريب في كل ماذكر، أن المواطن باعتباره المعني بإشكالية التقاعد، آخر من يعلم بما يدور في فلكه، وتلك هي الطامة الكبرى، على اعتبار أن صفته المهنية كموظف أو مستخدم تحتم عليه أن يكون ذي ثقافة قانونية تشريعية أو تنظيمية وعلى اطلاع بكل ما يستهدفه من مراجعات أو تعديلات قانونية يكون لها اثر مباشر على وضعه الوظيفي وعلى حقوقه المكتسبة سواء خلال ممارسته المهنية أو إحالته على التقاعد، مما يمكنه من التجاوب الايجابي أو السلبي مع تلك التعديلات ويمارسه حقا من حقوقه المكفولة دستوريا، ويحول في نفس الوقت دون الاستعمال التعسفي للسلطة من الجهات المعنية، وقبول هذه الأخيرة بكون المواطن شريك حقيقي وأساسي في ممارسة السلطة وتصريف الأمور، توجب استشارته في كل مناسبة، وليس اعتباره فقط كورقة انتخابية يتم التخلص منها مباشرة بعد استهلاكها.
حسن رزق الله