جهات

اللغة الصامتة لنهر أبي رقراق: أين حضارتكم يا سكان الرباط؟

    مدينة الرباط التي شيدت على شكل وهندسة مدينة الإسكندرية المصرية في عهد يعقوب المنصور سنة 1197م، يزينها نهر أبي رقراق، نهر يتمتع بجمال طبيعي، ويختزن التاريخ الحافل بالأحداث والثقافات والحضارات.

فمنذ حوالي 4 سنوات تحركت عجلة التنمية وبزغ فجر حضارة الإنسان الجديد بالاهتمام الكبير الذي خصص لتهيئة مشاريع القرن على ضفة الوادي، وانطلقت الأوراش وتحققت إنجازات منها: جسر الحسن الثاني، وقنطرة مولاي يوسف، ونفق الاوداية، والطرامواي، والكورنيش على ضفة أبي رقراق وهي أشغال كلفت مئات الملايير وتطلبت تقنيات جد متقدمة ومعقدة، واستعملت فيها هندسة حديثة، وهذا من باب عرفان السكان بالجميل وبروعة هذا الإهداء الرائع الذي لم يكلف ميزانية العاصمة ولا درهم واحد.

والهدية لم تكتمل بعد، فلا يزال السكان ينتظرون: ميناء الصيد، وباب البحر، والساحة الكبيرة، وقصبة أبي رقراق، ومسرح الرباط الكبير على شكل أوبرا، ومستشفى أبي رقراق، وكلها مشاريع عملاقة من العيار الثقيل ونستدل بنموذج قصبة أبي رقراق التي ستكون بين قنطرة السكك الحديدية وقنطرة محمد الخامس على مساحة 2282 هكتارا وستضم جزيرة وحديقة وتجهيزات ثقافية جد متطورة، بينما سيكون في مواجهة صومعة حسان وعلى مساحة 47000 متر مربع المعلمة المميزة الفريدة: دار الأوبرا. فهذه المنجزات المنتظرة هي بدون شك الحضارة التي ستبقى للأجيال القادمة، حضارة سكان الرباط في القرن 21 وحضارة لم تكلف المواطنين ولا سنتيم وهذه هي عظمة هذه الحضارة التي نحن مشتاقون لمعانقتها كما عانقها الجزء المنجز منها، ونطمع بكل شغف في الباقي.

فمدينة الرباط تسترد عافيتها وتصحح أخطاءها وتتهيأ لولوج عالم العواصم الكبرى، وهي اليوم تواقة لتدير بوجهها وجهة البحر والوادي بدلا من ظهرها، وبدأت بالفعل في الاستدارة، ولكن توقفت عن ذلك منذ سنة.

وإذا كان التاريخ يؤكد فكرة بناء مدينة الرباط على شكل ونمط وهندسة مدينة الإسكندرية الجميلة، وإن كان بالفعل هناك تشابه في الساحل والقلعة التي تشبه قصبة الاوداية، فهناك اختلاف في تصميم البنايات، ففي الإسكندرية عماراتها تتوجه بواجهاتها نحو البحر، عكس الرباط التي أولت بظهرها، ويبرر ذلك المؤرخون بظاهرة الرطوبة التي أصبحت الآن متجاوزة بفضل التقنيات المتوفرة.

هذه مجرد لغة نهر أبي رقراق، تذكرنا بواجب ترسيخ حضارتنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى