كرونيك | الفرق بين الواقع والخيال.. اللي عضو “الحنش” يخاف من طريقة الدعم
بقلم: سعيد الريحاني
كما هي العادة قررت أن أشاهد فلما جديدا، في قاعة السينما، لكني وعلى غير العادة قررت هذه المرة أن أشاهد فلما مغربيا، وأنا أقول في خاطري “إن بعض الظن إثم”.. حتى وجدت نفسي في قاعة سنمائية رديئة بالرباط، حيث يعرض فيلم “الحنش”، لمخرجه المريني وبطله داداس المنبعث من الرماد..
أعترف أنني لم أعد أقول إن بعض الظن إثم فقط، ولكن الفيلم المغربي بات متهما إلى أن تثبت براءته، خاصة أن أول لقطة في الفيلم، تؤكد أنه حاصل على دعم “الصندوق الأسود” للمركز السنمائي المغربي، حددته الصحافة في 350 مليون سنتيم..
هناك من سيقول بأن 350 مليون ليست شيئا مقارنة مع ما يصرف على أفلام بوليود وهوليود وأقل بكثير من لوازم إقامة حفلة محترمة ل”بوجلود”.. لكن بعملية حسابية يسيطة يمكنك أن تتأكد أن مبلغ الدعم أكبر بكثير من مستوى الفيلم، حيث أن طريقة التصوير تعود إلى الزمن الغابر، جعلت السيارات الحقيرة المستعملة في التصوير (السيارة التي ركبتها ماجدولين والسيارة التي أوقفها دادس باعتباره شرطي مرور) تظهر وكأنها سيارات “لامبور غيني” في حين أن الأمر يتعلق بخردة يمكن شرائها من أقرب “لافيراي”..
هناك من سيقول أن التناسب بين الشخصيات المجسدة فرض استعمال سيارات تافهة.. لكن ألم يكن من الأجدر وأن تستعملون وسائل وتقنيات تصوير بدائية، أن تقولو “إن أبعاد الصورة غير حقيقية” ولماذا لم يكتب المخرج مثلا على لوحة إشهار الفيلم بأن “الصورة غير تعاقدية” حتى يتجنب الإحراج.
الفيلم غاب فيه السيناريو، فضلا عن القفزات الزمنية المهولة، حيث تم اختصار ثلاث سنوات في مشهد واحد.. وباستثناء الإجتهاد الشخصي في القفشات الذي قدمه الممثل الرائع عزيز دادس والممثلة ماجدولين والممثلة القديرة فضيلة بنموسى.. استعان المخرج بممثلين “فاشلين” (قبح الله الفقر)، جلهم فشل في تجسيد الشخصية المنوطة به، منهم الكومسير ومنهم أفراد العصابة.. أدوا أدوارهم في “ديكورات” بسيطة، وفي بعض الحالات تعمد المخرج إقحام إشهار، حانة ليلية في الرباط، وهو إشهار مؤدى عنه في الغالب.. كما استغل المخرج بشكل كبير الفضاءات المجانية مثل المقاهي والشوارع، ليطرح السؤال أين صرف هذا الدعم، والحال أن إشهار هذه الحانة وحده قد يفي بالغرض، طالما أن هذه الحانة استفادت من أكبر حملة إشهارية باستعمال وسائل الدولة من قاعات سنمائية، وبدعم عمومي..
350 مليون ليست رقما كبيرا لإنتاج فيلم سنمائي، لكن فلم سينمائي من نوع “الحنش” لا يرقى إلى مستوى إنتاج “تصوير عرس” وسيناريو لا يصلح إلا لتجسيد بعض حلقات التشخيص الوثائقية التلفزيونية مثل برنامج “مداولة”.
ملحوظة أخيرة، أبحرت في عالم الأنترنت وقرأت بعض المقالات التي أشادت بالمخرج والعمل الفني والعرض الأول والعرض ما قبل الأول.. وغيرها من شهادات الزور، الله ينعل اللي ما يحشم، وبه وجب الإعلام.