كرونيك | حكومة “الأعرج” والأعمى في زمن الفيل والسراويل
المشهد: بعد ترقيع الحكومة
بقلم: سعيد الريحاني
في مشهد مشاهد مسرحية الفيل والسراويل الشهيرة، خاطب الراحل الطيب الصديقي محدثه قائلا:” “لبست الجديد هذا من علامات العيد”، ليرد عليه محدثه:”ليس العيد لمن لبس الرقيق، إنما العيد لمن عرف الطريق..”، ورغم أن الفيل لم يكن يوما جزءا من الثروة الحيوانية المغربية، بخلاف الحمار الذي قاد بعض التظاهرات الإحتجاجية، والكلب الذي دخل مؤسسة البرلمان (..) إلا أن المغاربة مازال يرددون إلى اليوم المثل الشعبي القائل “مقدهم فيل زادهم فيلة”، وما بين الزمن الغابر والزمن الحاضر، أطل على المغاربة رجل من زمن الفيل ليتشتري السروال.. وقد تناقلت مئات المواقع صورة رئيس الحكومة السابق بن كيران وهو يشتري سرول “قندريسي” مباشرة بعد صلاة أدائه صلاة الجمعة.
وكأنه مشهد من مسرحية كبرى، أصر بن كيران على نشر صورته وهو يقوم بشراء سروال “قندريسي”، وربما كانت تلك طريقته في إرسال رسالة إلى “السلطان”، بعد أن أن قال أنه سيحمل معه الكثير من الأسرار إلى قبره.. ولكن أقوى المشاهد في المسرحية هي أن يتم إسناد وزارة الصحة لمختص في “البيطرة”، ليصبح عبد القادر اعمارة، إبتداءا من اليوم وحتى إشعار آخر، وزيرا للتجهيز والنقل واللوجستيك والماء والصحة، بمقتضى مرسوم ترقيع الحكومة الصادر عن رئيس الحكومة سعد الدين العثماني.
في حكومة العثماني التي تضم “الأعرج” والأعمى و”شر الداوب”، يمكنك أن تتحدث اليوم عن وزير خارق مثل حفيظ العلمي الذي أصبح وزيرا للصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي وإعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة..يمكنك أن تتحدث عن “الأعرج” وزير الثقافة والاتصال الذي أصبح يقوم مقام وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، وكأنها إعادة للقصة التاريخية بين “الأعرج والأعمى”.
ولا شك أن كثيرا من المغاربة يعرفون قصة “الأعرج” الذي التقى ذات يوم مع رجل أعمى، فاتفق الرجلان على أن يتعاونا لكي يكملا بعضهما البعض، فكان الأعمى يحمل الأعرج فوق ظهره، بينما يتكلف الأعرج بإرشاد الأعمى إلى الاتجاه الصحيح، قبل أن يبصر الأعرج ذات يوم كيسا مليئا بقطع الذهب، فوجه الأعمى نحو الكيس، ولكن الأعمى قال للأعرج بأنه هو الأحق بهذا الكيس، لأن أقدامه هي التي أوصلته إليه، بينما كان الأعرج يعتبر الكيس من حقه، لأنه هو من أبصره الأول، فاختلف الرجلان وذهبا عند طرف ثالث ليحكم بينهما، فإذا به يطلب منهما أن يرشداه إلى مكان الكيس، فحمله وهرب.. وكان طمع الأعرج والأعمى سببا في ضياع فرصة العمر بالنسبة لكليهما.. وهاهي فرصة العمر بالنسبة للمغرب كي يصبح بلدا متقدما تضيع يوما بعد يوم أمام أعيننا.
في البداية تم اختلاق حكاية “البلوكاج” وهاهو “البلوكاج الثاني” يطل برأسه، وسيضطر الوزراء، المرضي عنهم إلى العمل بمشاريع “القوانين المالية” التي خلفها الوزراء المساخيط، ليطرح السؤال عن المنطق الذي تشتغل به الحكومة، وعما إذا كان الأمر مجرد مسرحية للفيل والسراويل..