جنرال وفاعل سياسي يدافعان عن حقهما في أرض موروثة منذ 70 سنة
هناك فرق كبير بين الواقع والخيال، غير أن هذا الفرق لا يبدو واضحا تماما في بعض المناطق، مثل خنيفرة، حيث يستغل بعض رجال السلطة نفوذهم، لتكريس ممارسات من الماضي، مستغلين الغفلة(..)، الواقع أن القانون يضمن لكل المغاربة الذين حازوا أرضا معينة لسنوات طويلة، وورثوها عن أجدادهم، حقوق الملكية، غير أن هذه القاعدة القانونية التي تنهل من مفهوم “الحيازة” لم تجد من يطبقها، لإنصاف مجموعة من مالكي أرض فلاحية تسمى “سعودا” واقعة في النفوذ الترابي لقيادة الحمام وتبلغ مساحتها 340 هكتارا (الرسم العقاري 10486)، حسب ما تؤكده الأحكام القضائية الصادرة بهذا الخصوص.
تصوروا غرابة هذه القصة عندما تؤكد الوثائق(..) أن أحد مالكي هذه الأرض هو الجنرال “محتان الحسين” الذي قضى أزيد من 30 سنة في الصحراء، وبينما كان الجزائريون يخطبون وده عبر الإذاعة ويطلبون منه العودة إلى الجزائر، لأن أمه جزائرية، فضل هو إكمال مشواره في وطنه، وفي أرض عائلته، غير أنه بات يعيش وضعا مقلقا وغير متوقع بعد أن اكتشف أن مجموعة معينة(..) تحاول الاستيلاء على الأرض التي يشترك في ملكيتها مع الفاعل السياسي “محمد مسعودان” ومالكين آخرين(..).
الأرض المعنية، كانت موضوع نزاع قضائي طويل، سبق حسمه منذ سنوات طويلة، سنة 1956، عندما قضت المحكمة بعدم أحقية الدعوى التي رفعها بعض أعضاء الجماعة السلالية “أعمايين”، في المطالبة بالأرض التي يحوزها الأشخاص السالفي الذكر منذ 70 سنة، لكن الأحكام القضائية لم تكن لتضع حدا للتطاول، وقد سجل المفوض القضائي، عبد المجيد أسباعي، في محضر معاينة يرجع تاريخه 16 فبراير 2014، كيف أن قطيعا من الماشية يتكون من 700 رأس من الأغنام و100 رأس من الأبقار كان يجتاح الأرض موضوع النزاع، الذي تجدد مؤخرا أمام المحاكم بين الأطراف السالفة الذكر.
الأحكام واضحة، وقصتها طويلة(..)، لكن ما الذي يمكن أن يشجع جماعة من السلاليين على عدم انتظار أحكام القضاء والترامي على أرض حازها أصحابها بحكم القدم والأحكام القضائية؟ الجواب على ذلك على لسان المتضررين يوجد في شكوى مرفوعة إلى وزير الداخلية بتاريخ 15 أكتوبر 2012، تقول: “إن الذي حدث ويحدث حاليا، يدخل في إطار الربيع العربي الذي فهمه البعض فهما خاطئا حيث قام بعض الأشخاص بتكوين مجموعة تحرض على الفوضى انطلاقا من امريرت(..) كانت ترفع الشعارات ضد أحد مالكي العقار، الذي لم ينقذه سوى تدخل قوات الدرك الملكي التي ابعد الهاجمين (..)”.
أمام هذا الوضع، لم تجد السلطات من حل أمامها سوى إصدار الأوامر بتوقيف النشاط الفلاحي لمالكي هذا العقار موضوع النزاع، بالمقابل لم تفلح كل محاولات التحفيظ، لأن المحافظ رفض الاعتراف بمضمون أحكام القضائية، ليطرح السؤال عن جدوى وجود القانون إذا لم يكن من الممكن تطبيقه، في حالة “الجنرال محتان ومسعودان”، وهما نموذجان لأصحاب عقارات فلاحية، موروثة عن الأجداد غير أنها ليست مسجلة في المحافظة العقارية، بحكم التاريخ المعقد لقانون الملكية في المغرب، وهو النزاع الذي يتكرر دائما أمام جميع محاكم المملكة طالما أن وزارة الداخلية لم تجد الحل بعد (..).