تحقيقات أسبوعية

متابعات | فرنسا هي التي أدخلت الرشوة للمغرب

#U0631#U0633#U0627#U0644#U0629 #U0627#U0644#U0633#U0644#U0637#U0627#U0646بقلم. د. زكي مبارك

     لم تعتمد فرنسا على القوة العسكرية وحدها لاحتلال المغرب، بل لجأت كذلك إلى الرشوة والخداع والتزوير لاستمالة رجال المخزن وأصحاب النفوذ في البلاد حتى حاشية السلطان والمقربين إليه من أجل استقطابهم بالمال والهدايا والإغراءات المختلفة لإنجاز مخططاتها الاستعمارية والاحتلالية بأقل الخسائر والنفقات الحربية، وتعد اتفاقية للا مغنية التي أبرمها المغرب مع فرنسا يوم 18 مارس 1845م بخصوص تحديد الحدود بين المغرب والجزائر “المستعمرة” نموذجا لهذه السياسة التي أثارت في الحين سخط السلطان مولاي عبد الرحمن واستنكاره ورفضه التوقيع على هذه الاتفاقية، بحجة أن المفاوضين المغربيين حميدة الشجعي عامل إقليم وجدة، والكاتب المخزني أحمد الأخضر، خدعهما المفاوضون الفرنسيون واشتروا ذمتهما وضميرهما بالمال فتجاوزوا تعليمات رسالة السلطان التي تنص على أن تبقى الحدود بين الإيالة المغربية والجزائر المستعمرة كما كانت عليه أيام حكم الأتراك، إلا أن المفاوضين المغربيين خالفا التعليمات الملكية ونص رسالة التفويض الصريح وتخليا للفرنسيين عن العديد من القرى والقبائل والمراعي سهل على الجيوش الاحتلالي الفرنسية ضمها إلى المستعمر الجزائرية بمبررات واهية، يتشبث بها حكام الجزائر اليوم في احتلالهم لأراضي مغربية شرق المغرب.

لقد لعب الدبلوماسي الفرنسي Léon Roches دورا فعالا في إقناع الحكومة الفرنسية بضرورة اللجوء إلى الرشاوى والهدايا وتعويضات مالية لرجالات المخزن، وأيده في هذا التوجه القنصل العام الفرنسي بطنجة de Chasterau حيث وجه تعزيزا لحكومته ورد فيه:

((إن التعامل مع المسلمين لا يجب أن يكون مثل التعامل مع البلدان المسيحية.. فلكي تحقق النفوذ الفرنسي في هذه البلاد، هناك وسيلتان: الحرب أو السياسة. بما أن الحكومة تتجنب الحرب، فلم يبق إلا الحل السياسي الذي يعتمد استمالة رجالات المخزن واستقطابهم)).

    وهكذا خصصت الحكومة الفرنسية للسيد ابن عبو باشا طنجة تعويضا سنويا بقدر بحوالي 18000 فرنك، والوزير محمد بن إدريس الذي قبض مبلغ 25.900 فرنك، وبوسلهام بن علي أزطود الذي قبض 10.368 فرنكات، أما حميدة بن علي الشجعي الذي أمضى اتفاقية الحدود بللا مغنية فقبض مبلغ 25.000 فرنك حولها له الفرنسيون إلى طنجة(..).

نستخلص من هذه الممارسات مسؤولية فرنسا الاستعمارية في إفساد المجتمع المغربي ومسؤولياتها التاريخية في النزاع حول الحدود المغربية الجزائرية التي تتشبث الحكومة الجزائرية ببنودها علما أن السلطان مولاي عبد الرحمن رفض التوقيع على هذه الاتفاقية التي اعتمدت الرشوة والتزوير أساسا لإبرامها، “انظر رسالة السلطان حول هذا الموضوع”. والمغرب مازال إلى اليوم يواجه هذه الممارسات كما عبر عن ذلك، وبكل صراحة وشجاعة الملك محمد السادس في خطاب 6 نونبر 2013 والذي جاء فيه:

((… غير أن السبب الرئيسي في هذا التعامل غير المنصف المغرب، يرجع بالأساس لما يقدمه الخصوم من أموال ومنافع، في محاولة لشراء أصوات ومواقف بعض المنظمات المعادية لبلادنا، وذلك في إهدار الثروات وخبرات شعب شقيق، تعنيه هذه المسألة، بل إنها تقف عائقا أمام الاندماج المغاربية)).

فإلى متى سيظل الإخوة في الجزائر متمسكون بهذه السياسة الموروثة عن العهد الاستعماري؟

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى