المنبر الحر | دوام الحال من المحال
زمن كالربيع، حل وزال ليث أيامه خلقن طولا
وهذا مآل كل فصول السنة وكل مراحل الحياة، البقاء والخلود والدوام والاستمرار والاسترسال بدون انقطاع هي صفات لا تلتصق مطلقا بأي مخلوق كان إنسانا أو حيوانا أو نباتا أو أي شيء آخر(..).
المؤسف أن بوصلة شعوب وأمم ودول العالم الثالث، حتى لا أقول المتخلفة، ومن ضمنها الأشقاء العرب، وقفت وتوقفت بل تجمدت فيما تعارف عليه بالربيع “العربي”!
كل الحركات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والعلمية والإيديولوجية التي عرفتها الإنسانية، في بدايتها كانت ربيعا، حتى الثورات وتأسيس الدول، كما أثبت ذلك رائد علم الاجتماع عبد الرحمن بن خلدون في مقدمته، فكل الذين هم الآن في الخريف، انطلقوا من الربيع، فتجاوزهم وطلَّقهم بل نبذهم في جل الأحوال.
الصدأ والتآكل والتقادم هي عوامل تغيير تصيب كل شيء:
لكل شيء إذا ما تم نقصان فلا يغترن بطيب العيش إنسان
و”لا ينقص البدر إلا حين يكتمل”.
كفى من شغل الناس بالأوهام الزائلة التي لا تسمن ولا تغني من جوع، فساعة “بيغ بن” لا تتوقف دقات أجراسها، وتدل بذلك عن الحركية الذؤوبة رغم الصقيع والعواصف والحرارة المنخفضة. علينا أن لا نطيل المكوث والوقوف في الفرجة وحلقات “البساط” في ضواحي وساحات بعض التجمعات السكنية، فكل الأزهار تذبل وكل الأعشاب الخضراء تجف، وكل الأشجار اليانعة في الربيع تعرى من أوراقها ونشاهد جدعها وأغصانها كئيبة، وهياكل مخيفة تقاد أحيانا للاحتراق في الأفران كحطب. الربيع جميل وأجمل منه أن يكون على سكة التجديد والتناوب والروح الرياضية والتنافس الشريف مع الاقتناع بفكرة: “لو دامت لغيرك ما وصلت إليك”.
– الحاج محمد عروصي شنتوفي(الدار البيضاء)