المنبر الحر

النبي الذي جمع بين سياسة الدين والدنيا

      تعتبر بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام انقلابا شاملا بكل ما تحمله هذه الكلمة من معان فهي في الواقع غيرت جميع النواحي السياسية والاجتماعية بعد أن كانت قبائل متناحرة وعشائر متصارعة إلى أمة متماسكة، فاختفى التنظيم القبلي وحل محله تنظيم مركزي قوي فتغيرت الحياة الجاهلية المقلدة للآباء والأجداد، وأصبحت بحكم الرسول حكما جديدا في معاييره ومقوماته مبتكرا في أساليبه ليكون أساسا للدولة الحديثة والتي ستظل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

هذا وقد كان الرسول يشغل منصب النبوة الديني الذي جمع بين سياسة الدين والدنيا جميعا أمام قانونه الذي يحكم به هو القرآن الكريم الذي ينظم الصلات العامة بين الحاكم والمحكوم وبين أفراد الرعية وبين الناس جميعا بقوانين عادلة صارمة، فكان النبي المشرع والحاكم والقائد والقاضي الأعلى، وكان يقوم بتنظيم العلاقات الاجتماعية وصياغة القوانين والأحكام المستمدة من القرآن وكان يحرص على تنفيذها فيأمر بجمع الجيوش ويعمل على تنظيمها ويقودها إلى الغزوات من أجل نشر الإسلام واتخذ المسجد النبوي مقرا لحكمه، وقد أصبحت السنة الهجرية كما سنها النبي قمرية عددها 354 يوما أو 355 يوما في إحدى عشرة سنة من كل دورة قدرها 30 سنة والسنة القمرية تتقدم على كل سنة شمسية بنحو أحد عشر يوما، ومن تم جاز أن يقع أي شهر هجري معلوم في أي فصل من فصول السنة، وفي هذا إثقال على النفوس وخاصة إذا حل شهر رمضان في الصيف لأن الصوم الذي يبدأ من الفجر إلى المغرب يقضي الامتناع عن الشرب والمأكل على السواء، واليوم بحساب المسلمين من مغرب الشمس إلى مغربها وهذا يعقد تحويل السنين الهجرية إلى سنين ميلادية تحويلا دقيقا، وقد بدأت السنة الهجرية كما سنها الخليفة عمر بن الخطاب من مغرب يوم 15 يوليوز سنة 633م “وهي السنة التي هاجر فيها النبي إلى المدينة”. وهنا لا يفوتني أن أنبه الغافلين الذين يفضلون الاحتفال بالسنة الميلادية وأعياد ميلاد المسيح عليه السلام على المولد النبوي بالأبيات الشعرية التي مازلت أتذكرها، والتي مدح بها أمير الشعراء أحمد شوقي لزيارة رسول الله بالحج أو العمرة بقوله:

غيري يبيت على الأموال يجمعها     كأنه راكع فيها إلى صنم

تتمة المقال بعد الإعلان

ولي بحب رسولا لله كنز هدى        أهديه روحي وأفدي دينه بدمي

لو كان عندي جناح الطير ألبسه             ولسبقت قافلة الحجاج للحرم

 جعفر المرتجى

تتمة المقال بعد الإعلان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى