لهذا، أصبح الرفض والغضب “فرض عين”؟؟

بقلم رداد العقباني
لا يفاجئني الرفض الذي أعلنه المؤرخ والناطق الرسمي السابق للقصر الملكي، في مجلته، في سابقة نادرة، ولا أن يفشل مشروع تجريم التطبيع دون الحاجة إلى تدخل الملك. ولكن يدهشني منطق العمل السياسي وأساليبه بالمغرب. لقد أدخلت الأحزاب السياسية، “الحاكمة” والمعارضة ببلدنا، منطق وأسلوب أوراق اليانصيب في العلاقات الدولية، في الوقت الخاطئ، زيارة جلالة الملك محمد السادس لأمريكا ولقاءه مع الرئيس باراك أوباما.
ولا أختلف مع الدكتور أوريد، المفكر ورجل الدولة المتميز، في حيثيات دفاعه عن موقف الرفض، لكني أضيف واجباً دينيا، يتعلق بحق الإسرائيليين من أصل مغربي، في زيارة ذويهم والترحم على قبور موتاهم وحضور محاكمة من استولوا ظلما على ارثهم، وأؤكد بحكم مهامي الدبلوماسية السابقة، أن دعوة زيارة القدس، هي استجابة لنداء المقدسيين أنفسهم، وأن رفع “الحصار المعنوي” عن الدكتور عبد الكبير العلوي المدغري، مدير عام وكالة بيت مال القدس الشريف ومن معه، ضرورة ملحة لنجاح مهمته ميدانيا.
وقد أكد جلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، يوم الجمعة الأخير بمراكش، أن حماية المدينة المقدسة من مخططات التهويد، ودعم المرابطين بها، لن يتأتى بالشعارات الفارغة، أو باستغلال هذه القضية النبيلة كوسيلة للمزايدات العقيمة.
وأبرز جلالة الملك، في خطاب ألقاه خلال ترأسه افتتاح الدورة العشرين للجنة القدس، أن المساعي الدبلوماسية، على أهميتها، لا تكفي وحدها لتغيير الوضع على الأرض، مؤكدا حرص جلالته “على تعزيز عمل لجنة القدس، بتكثيف وكالة بيت مال القدس الشريف لأعمالها الميدانية، التي لها أثرها المباشر والملموس في تحسين ظروف عيش المقدسيين”.
لهذه الأسباب، أصبح الرفض، رفض مقترح تجريم التطبيع، الذي لا علاقة له بالسياسة الاستيطانية الإجرامية الإسرائيلية، “فرض عين”، لأن قضية القدس، قضية الأمة الإسلامية وللمغرب نصيب “مكلف بمهمة” داخل مؤسساتها الدولية.
السؤال هل نغضب أم لا، من معركة خاسرة، مع بلد غير عدو للمغرب؟، لأن السؤال الذي يخطر على بال الشرفاء وكل الوطنيين في المغرب هو: كيف نعبر عن الغضب ونوصل رسالته إلى من يهمهم الأمر؟
بعد سحب حزب الأصالة والمعاصرة دعمه لمقترح القانون المشؤوم، فإن هذا الأخير فقد زخمه الذي حظي به بحكم موقع وقرب الحزب من مراكز القرار، وفي بلد ديمقراطي مثل ما نريد أن نكون، لا يتصور أن يقع توريط المغرب، شعبا ومؤسسات رسمية، دون استشارة أهله، مثل ما وقع بالبرلمان، بشهادة يصعب الطعن فيها، منسوبة لحسناء بني ملال وعاشقة عبيدات الرمى.
قالت ميلودة حازب (الصورة)، رئيسة فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب في تصريح لوسائل الإعلام، “إن السبب في سحب مقترح قانون تجريم التطبيع مع إسرائيل، هو انه لم يخضع لنقاش داخل فريقهم النيابي”.
أشك شخصيا ما إذا كانت جميع الفرق النيابية بالأحزاب المتورطة، على علم بتفاصيل خطة رئاسة فرقهم، في مقترح قانون تجريم التطبيع مع إسرائيل.
كنت أريد، أن أكشف لتبرير شكي، أسماء مغربية وازنة، ضمن لائحة طويلة(..)، زارت إسرائيل و”تقوتت” من خيراته، أو أنقل نص رواية الراحل ياسر عرفات عن دور الملك الراحل الحسن الثاني في عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية وعن استمرار بقائه على قيد الحياة، بفضل تدخل جلالة الملك محمد السادس، كما رواها في بيت صديقي الراحل عبد الكريم الخطيب، وبنفس ألفاظه المؤثرة المعروفة، لتفاصيلها. لكن ذلك – لسوء الحظ – محظور بسبب “واجب التحفظ الدبلوماسي”.