المنبر الحر
ما أحوجنا إلى الإيمان والتوكل
إن الماء بالنسبة للأرض كالدم الذي يجري في عروق الجسم، ولولاه لما استطاع أي كائن العيش على وجه الأرض، فهو أصل الحياة كلها، وربنا عز وجل يقول في محكم التنزيل “وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون” (سورة الأنبياء الآية 30).
وقد عرفت بلادنا في بداية الموسم الفلاحي لهذه السنة انقطاع المطر من السماء، مما أصاب الأرض بالجفاف حتى كأنها أوشكت على الاحتضار، فلا عشب ولا زرع، وبدأ اليأس والقنوط يتسرب إلى بعض النفوس، وبدأ المسؤولون عن الشأن الفلاحي والاقتصادي في وضع برامج ومخططات لتجاوز محنة الجفاف وإنقاذ ما يمكن إنقاذه عن طريق تقديم المساعدات للفلاحين المتضررين، في المقابل، كان هناك من يعيش الأمل وينتظر رحمة الكريم الحليم الذي لا ينقضي عطاؤه، وهاهي أثار رحمته تظهر بعد أن نزل الغيث من السماء، وأشرق فجر الأمل ليبدد نوره ظلام اليأس الذي خيم على بعض النفوس والقلوب، كل ذلك من فضل الله ورحمته.. وأن من وصف نفسه بالرحمان الرحيم، لا يمكنه أن يكون قاسيا على عباده رغم كثرة أخطائهم وهفواتهم لأن رحمته وسعت كل شيء، وفضله وخيره يعم الجميع، البار والفاجر والمؤمن والكافر… يقول سبحانه: “كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا” (سورة الإسراء الآية 20).
فالذي ينقصنا هو الإيمان الصحيح والتوكل الحقيقي والاعتماد على الله في كل كبيرة وصغيرة، إذ لو توكلنا على الله حق التوكل لرزقنا كما يرزق الطير تغدو جائعة وفارغة البطون وتروح شبعانة وممتلئة البطون، وكل ذلك من رزق الله الكثير وخيره العميم، وبعض الناس يظنون أن مسألة الرزق ترتبط بمجهود الإنسان وسعيه فقط ناسين أن الله خلقهم حفاة عراة لا يملكون شيئا.
إن الله أغات الأرض بالمطر وإن جاء متأخرا، فإنه سينفع البلاد والعباد، وبعض ضعاف الإيمان يقولون لا فائدة من الأمطار لأنها جاءت متأخرة، ويجهلون أن الله سبحانه وتعالى يتصرف في ملكه بحكم لا يعرفها إلا هو، وكل ذلك فيه مصلحة لنا نحن البشر الذين سخر الله لنا الكون وفضلنا على كثير من المخلوقات بعد أن منحنا نعمة العقل والتفكير، لكن أن نعترض على حكم الله، ونقول فيما ليس لنا به علم، فهذا هو الجهل الحقيقي لأن العقل الذي يجب أن نفكر به يحتاج إلى نور الإيمان ليزيح عنه ظلام الجهل.