كثر الحديث عني في الكتب والمجلات والجرائد والمقالات الصحفية، وتتحدثت عني وسائل الإعلام (السمعية البصرية) بين الفينة والأخرى، تخصص لي برامج مفصلة يوم 8 مارس، اليوم العالمي للمرأة… قالوا عني الكثير ومازالوا، كنت ومازلت موضوع المحاضرات والندوات والاجتماعات واللقاءات والمؤتمرات، وقد مرت أكثر من خمسين سنة على استقلال البلاد، ومازلت أشكو من معاناة متعددة، رغم النصوص القانونية، والتوصيات والإرادة السياسية، والعمل الدؤوب، والنشاط المكثف من طرف الجمعيات غير الحكومية. في القرى والبوادي، مازلت ضحية الجهل والأمية وقلة الوعي، أشكو من الفقر والحرمان، وبناتي خادمات في البيوت، لا يتمتعن بحقهن في التمدرس والصحة والتغذية والسكن اللائق، أعيش في عزلة قاسية وظروف صعبة، محرومة من أبسط الأشياء: الماء الصالح للشرب، والكهرباء، ودور الولادة والتجهيزات الأساسية، ولا أحد يحرك ساكنا، أنا مهضومة الحقوق في وضعية لا أحس عليها، أعاني من هذه المشاكل في عصر تتمتع فيه مثيلاتي بجميع حقوقهن في الدول الأخرى، أبقى أسيرة العمل دون أن أجني ثمرة الأشغال المرهقة والمملة والشاقة، يقولون عني بأني مربية الناشئة الصاعدة، ولدي مسؤولية كبيرة في الأسرة والمجتمع، لكنهم نسوا أن فاقد الشيء لا يعطيه؟ أنا المرأة المغربية، أتحمل الإهانة والشتم والذل لحماية بيتي من الانهيار وتجنب تفكيك الأسرة، أعاني من خلل في سلوك الزوج من إدمانه على الخمر أو الخيانة والبخل والعنف وسوء المعاملة، وإذا طفح بنا الكيل، نلجأ إلى الانفصال، وتبدأ المشاكل في المحاكم التي لا نهاية لها.
أنا المرأة المغربية التي تعيش في المدينة، محظوظة طبعا، ساعدتني الظروف لمتابعة الدراسات العليا ونيل الدبلوم، وبذلك حظيت بالوظيفة في التعليم، القضاء، الاقتصاد، السياسة، الطب، الهندسة… دخلت معترك السياسة ولم لا؟ أنا لست أقل من غيري في امتلاك مؤهلات العمل السياسي والنقابي والحزبي، أنا مناضلة منذ عهد الحماية، أنا سيدة أعمال ناجحة، أشارك في المؤتمرات والندوات الدولية، رائدة في المجال الاقتصادي، شهاداتي العليا أوضحت للجميع أنني مستعدة فكريا للبروز والعمل والتميز في جميع المجالات والحياة العملية بكل قطاعاتها، وهذا مؤشر ايجابي على قدرتي على الانخراط في كل الميادين، بما فيها الميدان الفني (الغناء، المسرح، السينما، الفن التشكيلي، الشعر، الكتابة…) وجميع أنواع الرياضات وحتى الميدان الديني، ليعلم الجميع أني أتطلع للمشاركة الفعلية في مسيرة الوطن، وليس الجلوس في صفوف المشاهدين والمتفرجين.
أملك كل مستلزمات العمل السياسي، لو أعطيت لي الفرصة، لاستعملت كل ما أملك لدفع عجلة الحياة إلى الأمام والإسهام في عملية البناء والتشييد، أنا لا أرغب في احتلال مناصب سياسية عليا إلا عن اقتناع واستحقاق، لكني أملك الجرأة اللازمة، ولست أقل قدرة وقابلية على التطوير والمناقشة واتخاذ القرار والمبادرات وحسن التدبير والتسيير.
فعلى المسؤولين أن يفسحوا لي المجال لتفجير طاقاتي، لأني لا زلت مبعدة عن المناصب التي يتمتع بها الرجال وأصحاب القرار.