أثار تصويت الشبيبة الاتحادية، لصالح اتحاد طلبة الساقية الحمراء التابع للبوليساريو بمؤتمر اليوزي، الكثير من الضجيج، وخلف أيضا ردود فعل مختلفة ومتضاربة أحيانا، إلا أن أغلبها كان سطحيا واختزل ما حدث في عبارة “خيانة عظمى”، دون ترك أدنى فرصة لأصحاب الشأن بتفسير الأسباب التي جعلتهم يصوتون لصالح محسوبين على جبهة البوليساريو “الوهمية”، وسرعان ما تعالت الأصوات المطالبة باستقالة ومحاسبة المسؤولين عن هذه “الفضيحة” وفي مقدمتهم عضو المكتب السياسي، سفيان خيرات، والكاتب العام للشبيبة الاتحادية عبدالله الصيباري.. هذا الأخير، كان قد وعد بتنظيم ندوة صحفية يوضح من خلالها ما وقع، إلا أن هذه الندوة ألغيت بطلب من الكاتب الأول للحزب إدريس لشكر، وأيضا بناء على أوامر وزير الخارجية صلاح الدين مزوار.. الأمر الذي يجعلنا نتساءل هل إلغاء هذه الندوة بطلب من وزارة الخارجية يعني أن هذه الأخيرة قد نسقت مع الشبيبة الاتحادية فيما يخص التصويت لاتحاد طلبة الساقية الحمراء؟ إذا كان الجواب سلبا، فتلك هي المصيبة، وإذا كان الجواب إيجابا، فتلك هي المصيبة العظمى.
لنترك هذا الجانب للتاريخ، فهو كفيل بالإجابة عنه، ولنعد لموضوعنا ونتساءل من جديد: هل أخطأت الشبيبة الاتحادية بمؤتمر اليوزي؟ نعم، أخطأت، ولكن ليس بحجم عبارة “خيانة عظمى”، بل المسألة أبسط بكثير من ذلك، فالشباب وبحكم سذاجتهم وانعدام الخبرة لديهم في مثل هذه المواقف، وجدوا أنفسهم يصوتون لهذا الاتحاد دون فهم عميق ولا استيعاب للخطوة التي يقدمون عليها، ثم وهذا هو الأهم، هناك ضمن الوفد من أوهمهم أن هذا التصويت في صالحهم وسيخدمهم في محطات لاحقة(؟)، وهذا بالضبط ما جعل أحد أعضاء الوفد يقول: “إن الوفد المغربي صوت لصالح اتحاد طلبة الساقية الحمراء للانضمام كعضو ملاحظ، على أن تكون منظمة الاتحاد الاشتراكي في وقت لاحق عضوا ملاحظا هي الأخرى بمساندة من البوليساريو”..
مباشرة عقب هذه الواقعة، خرج حزب الاتحاد الاشتراكي ببلاغ يبرئ فيه ذمته، وأيضا يؤكد فيه، أن “الحزب يترك الحق لشبيبته لتتخذ ما تراه مناسبا من قرارات تخص أداءها الذاتي وعلاقاتها الخارجية في إطار الاختيارات الاستراتيجية والتوجهات العامة للحزب..”، محاولا بذلك تأكيد صفة الاستقلالية في منظمة الشبيبة التي لطالما اتهمت بكونها مجرد درع لحماية إدريس لشكر في معاركه الكثيرة، والتي قد تكون قضية الصحراء واحدة منها.
فالعلاقة بين حزب الاتحاد الاشتراكي وشبيبته تبدو غير واضحة وغير مستقرة على حال، أحيانا، تبدو علاقة تبعية مطلقة، وأحايين أخرى، تظهر في شكل علاقة اللانسجام والاختلاف الجذري… في حين، المفروض أن يكون الحزب مدرسة للشبيبة، مدرسة بمعناها التربوي، التكويني والتأطيري، دون أن تشكل حاجزا أمام اجتهادات الشباب وإبداعاتهم ومساهماتهم في الحياة السياسية، إلا أنه وللأسف، هذا ما لا يحدث داخل الاتحاد الاشتراكي، لأن قيادة الحزب تفرض قيودا على تفكير شبيبته وتحرمهم من الإبداع خارج ما يتناسب ومصالحها السياسية، التنظيمية والانتخابية، حتى أننا إذا حاولنا تقييم حصيلة هذه المنظمة منذ مؤتمرها الوطني الثامن سنة 2013، لن نجد شيئا يذكر غير عشرات البيانات والبلاغات حول بعض القضايا الهامشية التي لا علاقة لها بالرهانات التي تأسست عليها هذه المنظمة والتي أصبحت بدون توجه واضح، ولا رؤية واضحة سواء فيما يتعلق بالقضايا الوطنية الكبرى، أو القضايا الدولية.. بل وصار شغلها الشاغل مؤخرا، هو الدفاع عن اللائحة الوطنية للشباب بما يتنافى والديمقراطية التي تشكل عنصرا أساسيا في إيديولوجية الحزب (إيديولوجية اشتراكية ديمقراطية).