اليوم وصل المعرض الدولي للنشر والكتاب، الذي تحتضن فعالياته المدينة الاقتصادية الدار البيضاء، دورته الثانية والعشرين. واليوم أيضا إخراج جديد لهذه النسخة بمواصفات جديدة ومعايير يقول مدير مديرية الكتاب بوزارة الثقافة، ومدير المعرض، حسن الوزاني أنها معايير مهنية خالصة بامتياز.
بلغة الأرقام، مساحة المعرض تبلغ عشرين ألف متر مربع، استغل منها اثنتا عشر متر مربع، وما بقي فهو حسب المصدر نفسه لتأثيث الفضاء.
تراجعت نسبة الناشرين إلى 668 ناشر مقابل 751 في النسخة الماضية، ومشاركة لأكثر من 45 دولة، تشكل دولة الإمارات العربية فيها ضيفة الشرف.
وفي عمق البحث في سياقات هذه الأرقام والإحصائيات، تتناثر أسئلة الانفتاح والتعدد والرأي الآخر في الكتاب المعروض.
هل فتح المعرض نوافذه أمام مختلف الحساسيات والمرجعيات والعرقيات والأفكار التي تحملها الكتب الموجودة بين هذه المجموعة الدولية المكونة من 45 دولة؟ أم تمت ممارسة الرقابة على البعض منها تماشيا مع المعايير المعتمدة في لجنة الانتقاء بالمعرض؟
في الجواب على هذا السؤال يفضل مدير المعرض في حوار له على الإذاعة الوطنية في صبيحة الأحد الماضي، يفضل مصطلح المراقبة على مصطلح الرقابة، حيث يعتبر أن المعارض الدولية للكتاب المعروفة في العالم تمارس حقها وفق معايير مهنية خاصة بها. ففي بعض المعارض لدول مجاورة قريبة من المغرب تم حجب مجموعة من الكتب لدواعي محددة سلفا، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر، حجب كتب عبد الله العروي، خصوصا في التاريخ والفلسفة، كما حجب معجم المغني.. واللائحة ممتدة.
وهنا نعيد السؤال على مستوى آخر، ما هي الدواعي التي دفعت وزارة الثقافة إلى اختيار دور نشر على أخرى تم إقصاؤها؟ هل فعلا الأمر يتعلق بعدم سعة الفضاء واستغلال ما تبقى منه لتأثيث الفضاء وجمالية المكان؟ أم أن الأمر يتجاوز هذه المعطيات والمعايير الجمالية والفنية إلى أبعاد أخرى؟ وهو سؤال تولدت معه أسئلة فرعية أخرى: لماذا تم حجب جائزة الشعر بالمغرب وتم إرجاؤها مرة أخرى إلى أجل غير مسمى؟ وهل يمكن أن نجد مجموعة من المؤلفات والكتب العربية والدولية المثيرة للجدل في معرضنا المغربي العالمي؟ كتب في الفكر الفلسفي والفكر التاريخي غير الرسمي للدولة المغربية، كتب في اتجاهات معاكسة في الفكر الديني، أو نصوص إبداعية ممنوعة في مجموعة من الدول..؟
التاريخ الثقافي للمغرب وحده سيسجل مدى سياقات مسطرة الرقابة المعتمدة من لدن وزارة الثقافة المغربية وآليات التعامل مع مختلف الإنتاجات المغضوب عنها، التي لم يجد القارئ لها قرارا في معرض يشكل في عمقه لحظة تاريخية وحضارية لن تحل مشكل أزمة القراءة بالمغرب، خاصة إذا كان سعر الكتاب المعروض مرتفعا، في زمن لا يتجاوز القارئ المغربي فيه حسب مجموعة من الاستطلاعات والدراسات ست دقائق خلال السنة للقراءة.