انسحاب شركة “ريضال”: ملف تقني بروح سياسية

بقلم. بوشعيب الادريسي
النقاش الذي انزلق إلى التلاسن والتهديد والانسحاب والتصريحات الهجومية من طرف الذين واكبوا اجتماعات الدورة الاستثنائية لمجلس العاصمة “لدراسة” ملف انسحاب شركة “ريضال” من تدبير قطاعات الماء والكهرباء والتطهير، لم يكن مفاجئا ولا مباغتا، فعدد من الأعضاء كانوا ينتظرون هذه الفرصة كما انتظرها من قبلهم أعضاء آخرون عندما حلت شركة “ريضال” مكان الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء، فقامت القيامة واستعملت شعارات رنانة، وخطابات ثورية، وتلميحات كانت رسائل مشفرة لتمرير المطلوب والمرغوب مقابل التفويت، ووصلت الرسائل، ويعلم الله بماذا كان الرد، حتى اختفت تلك الشعارات والخطابات والدفاع عن الطبقات المسحوقة، وتم التفويت في حفل نقلته التلفزة والإذاعات، ولنتفاجأ اليوم بنفس الأشخاص تقريبا وبعد عشرين سنة، يكررون نفس السيناريو مع ملف استبدال “ريضال” بأخرى وليكتشفوا – بعد فوات الأوان- “امتصاص” أرزاق عباد من الشركة المنسحبة ويستعملون نفس الأسلوب القديم الذي استعمل مع الوافد الجديد، حتى ينتبه إلى ما يجب الانتباه إليه، فأين كانوا عندما كانت أرواق عبد الله تمتصها – حسب تعبيرهم – الشركة المنسحبة؟ وهم الذين حكموا ويحكمون الرباط منذ 30 سنة خلت؟ لماذا ضربوها بسكتة مريبة؟ إنهم دون شك يعلمون ما لا نعلمه في خفايا هذا التفويت الذي ظاهره تقني وباطنه سياسي، لا يمكن أبدا الإفصاح عنه لأسباب ربما حتى لا يستغله أعداء الوحدة الوطنية، وهذا بالضبط ما يشغله العارفون بالأمور ربما للحصول على “أجوبة” مفيدة كما كان في الماضي.
فالماضي مضى، ونحن في زمن الوضوح والتغيير والالتزام بحماية المعلومات الوطنية من التسربات التي تسعى إليها ممارسات الابتزاز، ومع الأسف عدد من الأعضاء لا يعلمون ولن يعلموا الخفايا التي لن تخرج من عندنا.
والوزارة الوصية أخطأت عندما أحالت هذا الملف على كل مجالس جماعات الرباط وسلا والصخيرات وزمور زعير، وهنا نتساءل لماذا يصلح مجلس الجهة؟ وهو الذي يمثل قانونيا وإداريا وشعبيا كل سكان ومجالس الجماعات والغرف المهنية بتراب جهة الرباط؟ ومادامت الشركة، أية شركة مرشحة لتدبير أي قطاع على صعيد الجهة، فمجلس هذه الجهة الذي انتخب من مجالس الجماعات والغرف هو المؤهل للنظر في مثل هذه الملفات. ثم لنفرض بأن مجلس العاصمة رفض، ووافقت باقي المجالس من الصخيرات إلى الخميسات، فماذا سيقع؟
فالوزارة الوصية عليها إعادة الاعتبار لمجلس الجهة مادام المستقبل القريب يعتمد على الجهوية في تدبير شؤون المواطنين.
بقي أن نشير إلى ملاحظة صغيرة أثيرت في مناقشات ملف التفويت، وتتعلق “بإقالة فلان أو فرتلان” من منصبه الانتخابي، فهذا “فلان أو فرتلان” ليس مياوما في “فيرما” الذين يهددون بطرده وقت ما خالفهم في رغباتهم، فهو يمثل السكان وليس الأشخاص، والناخبون وحدهم لهم كلمتهم في الموضوع وفي آجالها القانونية، وليس “بالتلويحات” التي ألفناها منذ 20 سنة للابتزاز والاستفادة من “العطاءات” ذلك زمان ولى وانتهى.