الـــــــــــرأي | بين حوار اللغة الفصحى والدارجة – الحلقة الثالثة
بقلم. إدريس أبابا
الذين لم يقرؤوا كتاب نور الدين عيوش “زاكورة” المكتوب بالفرنسية لا يدركون بعض الخصائص بل الأسباب التي أدت بالكاتب أن يرفع عقيرته، داعيا إلى استعمال اللغة الدارجة كلغة رسمية، بدل اللغة العربية الفصحى أو القريبة منها، لقد وجدت نفسي مضطرا إلى الخوض في هذا الموضوع رغم اهتمامي الكتابي بمصطفى العلوي وعبد الله إبراهيم وعن بعض الذكريات الوطنية كوثيقة الاستقلال، وآليت على نفسي ألا أترك كل موضوع خضت فيه دون إتمامه إن لم يكن بالنشر على الأقل فبالرصد والتدوين(..).
إن اللغة الدارجة التي أراد عيوش فرضها في وطننا كلغة رسمية لم يبرر نظريته بما يمكن أن يطرحه كعمل مقنع دعت إليه الحاجة الحضارية والفكرية وحتى الاقتصادية وبالرجوع إلى ما وقع ترجمته إلى اللغة العربية من نحو على يد “كوديفري” وكذلك “بلاشير” “Grammaire de l’Arabe Classique”.
وهكذا نجده يقوم بعمله هذا مستعملا في ترجمته من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية الفصحى، بمعنى أن الضرورة تدعوه إلى تعليم الأجانب اللغة العربية لمكانتها وتوسع تداولها في المجتمع العربي والغربي ونجد “روبير اسبيو” يدعو إلى استعمال اللغة البربرية كحوار يجب أن يفهم عن “الشلوح”
“Apprenonsle Berbère” “Initiation aux Dialetes Chleuhs” ومقدمة هذا الكتاب كتبها الجنرال العسكري “كيوم” أحد أساطين الاستعماريين الفرنسيين الذين حكموا المغرب، فالمصلحة الاستعمارية دعت إلى تعليم اللغة الأمازيغية لا من أجل الإشادة بها ولكن لمعرفة الحوار بها والتداول مع ناطقيها والتفاهم معهم!! وكانت ضرورة كتابة حرف – تيفناغ- مقصورا على ساكنة قليلة بالنسبة للسكان المغاربة في الجهات المغربية في شرق البلاد وشماله، وغربه وجنوبه، ودعت ظروف الحوار بين سكان المغرب في أكثر من جهة إلى استعمال الحرف العربي وكتابته فيما يحتاجه جميع ساكنة الوطن من الذين يسكنون الجبال والمناطق التي يسكنها إخواننا الأمازيغيون(..) وهكذا نجد علماء المغرب يخاطبون إخوانهم الذين لا يفهمون معاني اللغة العربية وحروفها ويسردون عليهم الأحاديث باللغة العربية ويعملون على تعبيرها باللغة الأمازيغية وكذلك تلاوة القرآن يتم إفهامه لهم بلهجاتهم الأمازيغية(..) ومن بين أولئك العلماء الذين ساهموا بدور مشكور في هذا الإطار العلامة المختار السوسي خصوصا في برامجه الدينية التي كان يلقيها في الإذاعة الوطنية، أو ما كان يلقيه في الخطب الجمعية في منطقته التي كان يسكن فيها(..) ونجد من أشباه العلامة المختار السوسي علماء فطاحل ألفوا أراجيز باللغة الأمازيغية في الفقه والنحو، كما وضعوا منظومات تعليمية سميت بـ(أوزال)؛ ناهيك عن تلك القصائد الشعرية التي كانت تردد بلهجاتهم في مناسبات دينية ووطنية واجتماعية.
لقد أراد المستعمر أن يحدث شرخا بإنشاء ظهير بربري لخلق تفرقة بين أبناء وطن واحد، والتشكيك في تلك الوحدة التي دعا إليها الإسلام لما جاء به نبينا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من نبذ للعنصرية والإقليمية ورعاية المصالح، والشورى بين المسلمين، وسن قوانين منظمة للعلاقات، فتعالت احتجاجات المغاربة داخل مساجد المدن والقرى، ورفعت أصوات المناداة بإبطال هذا الظهير بترديد جملة: “اللهم يا لطيف نسألك اللطف فيما جرت به المقادير، ولا تفرق بيننا وبين إخواننا البرابر وعندما جاءت اللحظة الحاسمة في مواجهة المستعمر وقع نسيان ما كان المستعمر يخطط له بالتفريق بين المغاربة بدعواته الإقليمية، فكانت المواجهة والنضال موحدين، وأعطيت الانطلاقة للمسيرة الخضراء التي دعا إليها الراحل الحسن الثاني لاسترجاع ما بقى من أراضينا في يد المستعمر، فوقع الالتفاف والتوحد ونكران الذات(..) إن الذود على المحافظة على مقوماتنا الوطنية ووحدتنا وبلاغتها وتراثها الأدبي والفكري والفلسفي وما أنجزت من بحوث باللغة العربية وما أنشئت من مؤلفات في الميدان القانوني والاقتصادي والفلسفي وما يلقى من محاضرات في جامعاتنا على تعدد مناحيها واختصاصها في العالم العربي كل ذلك يعتبر تراثا إنسانيا بالإضافة إلى ما هو موجود في خزانات العالم من مخطوطات مكتوبة باللغة العربية من طرف علماء في شتى الميادين، كل ذلك يدعو إلى الافتخار والاهتمام به وصيانته على طول الزمان.
إن النظرة القصيرة المبنية على الأفق الضيق هي التي تدعو إلى تعصب إقليمي فيما له إيجابيات تهم وتدفع إلى صيانة وحدة الوطن وفرض مكانه في عالم لا يقول بالتجزئة والانطواء، وهذا ما يخلق في النفس عقدة الانطواء والتحجر الفكري(..).
يتبع
السلام عليكم، طاقم تحرير الأسبوع الأبية
إن أخطر فيروسين على جسد الأمة والشعب المغربي حاليا هما الصهيوني عصيد والفرنكفوني عيوش. يجب أن نتجند لمحاربتهما بكل ما أوتينا من قوة بإدن الله. أبدأ بعيوش لأقول له أن اللغة الدارجة المغربية لها فضاءها واستعمالها الخاص بدلك الفضاء المجتمعي-اللساني(سوسيولانكويستك). هي لهجة إدن مشتقة من اللغة الكبيرة الأم(كوويني) لا تتمتلك المخزون المصطلحي للإرث العلمي والتقني والثقافي. هدا من جهة، والمسكوت عنه الخطير في محاولة صرخة ولادة جديدة لعيوش هو محاربة القرآن ولغته بتمييعهما. كيف سيدرس القرآن الكريم إدن ياجاهل؟ أنت حتما لاتعرفه. وأجزم أنك تبغضه كما يبغضه الكافرون. أضف إلى هدا هي محاولة لإقبار الثرات الأدبي والفلسفي والثقافي واسهاماته في الثرات الثقافي الإنساني العالم.
أما بالنسبة للفيروس الثاني وهو الصهيوني عصيد، فأترك الكلمة للعائلات المغربية الشريفة والتي من عثرة الرسول الكريم أن تدافع عن جدها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وعن كرامتها؛ لأن الزنديق لما سب الرسول وشكك في رسالته فهو قد شكك حتى في طهارته وطهارة عثرته. أينكم يا علويون وأدارسة وشبيهيون ووو؟