الأسبوع الرياضي

أين صندوق اللاعبين الدوليين…أبطال منسيون

أحس بألم فضيع وبتقزز يهز كياني وأنا أرى بعض الرياضيين الكبار الذين كانوا بالأمس القريب نجوما يتغنى بأسمائهم الآلاف من المتفرجين والمعجبين.

أحس بالظلم حينما أسمع بأن بطلا كبيرا غادرنا إلى دار البقاء منبوذا، أو بلاعب دولي يعاني المرض في صمت ولا يصرخ في وجه المسؤولين أو يستجدي لأن كرامته وعزة نفسه لا يسمحان بذلك.

في نفس هذا الشهر الفضيل من السنة الفارطة، التحق إلى جوار ربه نجم الرجاء الموهوب ابهيجة، الذي كانت العديد من الأندية الأوروبية تلهث من أجل إقناعه بالاحتراف لكنه فضل البقاء بجانب أصدقائه بدرب السلطان، مفضلا حمل قميص فريقه الأم الرجاء على أموال الدنيا.

في الأشهر الأخيرة من هذه السنة، غادرنا كذلك إلى دار البقاء اللاعب الدولي عبد الكبير التيسير الذي حمل قميص العديد من الأندية كالرجاء، والجيش الملكي، وشباب المحمدية، وجمعية الحليب.

هذا اللاعب حمل كذلك القميص الوطني إلا أن نهايته كانت مؤلمة جدا ولا أحد حرك ساكنا، هذا دون أن ننسى طبعا أبطالا غادرونا بكرامة وما أكثرهم للأسف الشديد.

ما جرني للحديث عن هذه الفئة التي كتب لها التهميش واللامبالاة أن ذنبها الوحيد هو أنها دافعت عن راية الوطن بكل جرأة ورجولة في كل بقاع العالم.

ما دفعني أيضا أن ألقي بعض الأضواء عليها هي الصدمة التي أصيب بها الرياضيون المغاربة، والبيضاويون على الخصوص، حينما علموا بنبإ اختفاء اللاعب الدولي الكبير محمد الصحراوي من منزله خلال الأسبوع الماضي.

غياب صدم الجميع خاصة أسرته التي عانت ومازالت تعاني بسبب مرض رب الأسرة “الأب محمد”.

في بداية الأسبوع الماضي وبالضبط يوم الثلاثاء، خرج الصحراوي من منزله كالعادة ولم يعد في وقت الإفطار، مما دفع أسرته للبحث عنه في كل مكان لتتحرك الهواتف ومواقع التواصل الاجتماعي بقوة، بحثا عن رجل غير عادي وعن لاعب أعطى الشيء الكثير للكرة المغربية قرابة ربع قرن من الزمن كلاعب كبير ومؤطر ومربٍ ومدرب أهدى العديد من المواهب للفرق الوطنية.

محمد الصحراوي عانى خلال السنوات الأخيرة من مرض العصر “الزهايمر” وتضاعفت معاناته بسبب الإهمال الذي تعرض له خاصة من ذوي القربى…

الحديث عن هذا اللاعب الموسوعة ذو شجون.

الصحراوي كانت بدايته الكروية مع فريقه الوداد وهو دون سن العشرين وبالضبط خلال موسم 1961 -1962، حمل القميص الأحمر لأكثر من عقد من الزمن وفاز بالعديد من البطولات، وجاور كبار اللاعبين كعبد الرحمن بلمحجوب، ومحمد الخلفي، والبطاش، وعبد الله أزهر، والهجامي، والرداني.. وآخرون.

بعد مسيرة كروية نموذجية مع الوداد، التحق بالراك أو نادي الجمارك آنذاك وفاز معه بالبطولة بل كان بإمكانه أن يفوز بالازدواجية سنة 1972 لولا الأحداث الأليمة التي عرفها المغرب بسبب المحاولة الانقلابية الفاشلة بالصخيرات، لينهي مشواره الكروي مع فريق كبير وهو الرجاء البيضاوي.

الصحراوي المعروف لدى أصدقائه بـ”الأب محمد” درب العديد من الأندية الوطنية كالوداد خلال أكثر من مناسبة، وأولمبيك خريبكة، والفقيه بنصالح، ورجاء بني ملال، والرشاد البرنوصي، وشباب المسيرة، كما أشرف على تدريب بعض فئات المنتخبات الوطنية حيث عمل المدرب رشيد الطاوسي كمساعد له.

محمد الصحراوي أصبح شخصا غير مرغوب فيه خلال السنوات الأخيرة بالرغم من عطاءاته الكبيرة وحبه لمهنته كمدرب كفء بشهادة كل المهتمين.. هذا التهميش أثر وبشكل كبير على نفسيته التي أصبحت مهزوزة، وهو الرجل البشوش والكريم وصاحب النكتة.

لحسن الحظ، وبفضل كل محبيه، عثر على محمد الصحراوي في مدينة الجديدة وهو يغادرها في اتجاه الجرف الأصفر لتعود الفرحة إلى كل عشاقه وأصدقائه وعائلته.

سؤالنا هو: أين مفاتيح صندوق اللاعبين الدوليين الذي أنشأ في عهد اللجنة المؤقتة التي كان يرأسها الجنرال حسني بنسليمان؟

هذا الصندوق المملوء بفضل الاقتطاعات التي يستفيد منها اللاعبون بنسبة محترمة من انتقالات اللاعبين على الاحتراف، من المفروض أن يحل مشاكل اللاعبين في حياتهم، ثم أين كذلك مؤسسة محمد السادس للأبطال الرياضيين التي يرأسها الوزير السابق في الشباب والرياضة منصف بلخياط؟

محمد الصحراوي، حسب علمنا، بطل ولاعب دولي ومن حقه الاستفادة ومتابعة حالته الصحية والنفسية، وذلك أضعف الإيمان.

 

النشرة الإخبارية

اشترك الآن للتوصل كل مساء بأهم مقالات اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى