الـــــــــــرأي

الراي | لماذا تتخوفون من كشف الحقائق؟!

الاسبوع – الحسين الدراجي

الربيع العربي أكدت جميع مظاهره أنه يهدف إلى محاربة الفساد والاستبداد، وإذا كان الفساد معناه القضاء على الرشوة والمحسوبية، فإن الاستبداد يتجلى في استحواذ طائفة من المحظوظين والوصوليين والانتهازيين على ثروة البلاد وعلى مراكز القرار من طرف نخبة من عديمي الضمير الفاسدين المفسدين، وإذا كان المغرب يوصف اليوم بالاستثناء بالنسبة لما يقع في بعض البلدان العربية، فمرد ذلك إلى كونه قام بمبادرات استباقية جريئة جنبته تداعيات التيار الثوري الذي جرف بعض الشعوب العربية، فبعد الدستور الجديد والانتخابات التشريعية لسنة 2011 طلعت علينا حكومة لها مرجعية إسلامية اطمأن لها الشعب واستبشر خيرا، وهو على يقين أن حكومة من هذا الصنف لا يمكن إلا أن تستجيب لمطامحه طبقا ومصداقا للشعارات التي كان قادة حزب العدالة والتنمية ينادون بها خلال حملاتهم الانتخابية، الأمر الذي جعل وحفز شرائح عريضة من المواطنين على التصويت لصالحهم، وجاءت البوادر الأولى لهذه الحكومة تبشر بالخير وبالإصلاح، حيث بدأت بنشر لوائح المستفيدين من امتيازات الدولة فاكتشفنا أن المأدونيات الخاصة بالنقل كانت توزع على فئة لا حق لها في ذلك، وكنا ننتظر الكشف عن قائمة المستفيدين من مقالع الرمال وعن رخص الصيد في أعالي البحار، ولكن سرعان ما تراجعت الحكومة عن الاستمرار في هذا الاتجاه الإصلاحي وأصبح رئيس الحكومة يبرر هذه الفرملة بوجود التماسيح والعفاريت، وبؤر المقاومة الخفية التي تعرقل مساعيه، واعترف بأنه لا يمكنه ملاحقة الساحرات كما يقول المثل الفرنسي، ويعلم الجميع أن الفاسدين بدأ عملهم في تقويض أسس الاقتصاد المغربي.

وهكذا أخذت الصحف تكشف عن سلسلة مخيفة من الفضائح التي لم تسلم منها بعض الأبناك، مما يجعل عجلة الدورة الاقتصادية تتعثر لأن المسؤولين عنها مفسدون، ولم يقف الفساد عند هذا الحد بل شمل أيضا قطاعات لها ارتباط مباشر بالطبقات الشعبية، حيث لم ينج من هذا الفساد لا صندوق الضمان الاجتماعي الذي يأتمنه العمال على مدخراتهم، ولا صندوق التعاضدية العامة التي تشرف على علاج وصحة الموظفين.

وأمام هذا السيل من الفساد الذي تسبب في اختلاس مئات الملايير التي لو استفادت منها ميزانية الدولة، لما اضطرت البلاد للاقتراض، ظل الشعب ينتظر محاكمة المسؤولين عن هذا النزيف الذي أصاب الموارد المالية للدولة ورغم كل التقارير التي أعدها المجلس الأعلى للحسابات والتي تدين صراحة بعض الموظفين السامين، ورغم أن وزير العدل ينتمي للحزب الذي وعدنا بمحاربة الفساد، فإن بعض المطلوبين للعدالة مازالوا أحرارا يصولون ويجولون وكأن شيئا لم يكن، فمنهم من رفض المثول أمام قاضي التحقيق، ومنهم من غادر البلاد خوفا من مواجهة العقوبات.. كما لم يسلم بعض القادة السياسيين من المتابعات القضائية التي طالتهم.

كل هذه الفضائح تدل على أنه ليس هناك حزب واحد لم تطله فضائح الفساد، وعلى وزارة العدل أمام هذا الكم الهائل من قضايا الفساد أن تعمل على تسريع وتيرة المتابعات حتى لا يصدق علينا القول إن المصيبة إذا عمت هانت، والظلم لا يهون مهما كانت الأسباب.

النشرة الإخبارية

اشترك الآن للتوصل كل مساء بأهم مقالات اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى