كواليس الأخبار

“المادة49 ” من مدونة الأسرة على ضوء العمل القضائي “الكد والسعاية”

إن عدم الإدلاء بما يثبت الاتفاق على اقتسام الأموال المكتسبة أثناء الزواج يجعل الطلب غير مقبول، وذلك كما جاء في قرار محكمة النقض عدد312 الصادر بتاريخ 22 أبريل2012 في الملف الشرعي عدد2012/1/2/2013 جاء في قاعدته:

((تعليل المحكمة بأن ما أدلت به الطاعنة من وثائق ليس فيه ما يثبت مساهمتها في الشقة موضوع النزاع… ولم تدل بما يثبت الاتفاق الذي تدعيه بينهما من أجل المساهمة المشتركة في شراء الشقة المذكورة فإنها لما قضت به أساسا وعللت قرارها بما فيه الكفاية ولم تخرق المواد المحتج بها)).

وجدير بالإشارة أن المحكمة وحسب ما تنص عليه مدونة الأسرة لا تقبل طلب الحكم بـ”الكد والسعاية” المنصب على عقار محفظ إلا إذا كانت المدعية قد سلكت مسطرة التقييد الاحتياطي، وأدلت بشهادة الملكية التي تثبت تسجيل ذلك التقييد الاحتياطي، وذلك تطبيقا للمادة85 من قانون12 غشت1913 بشأن التحفيظ العقاري، كما تم تعديله وتتميميه بالقانون رقم14-07 .

إشكالية تتعلق بالدفع بالتقادم:

ذلك أن بعض الزوجات يطالبن بحقهن في “الكد والسعاية” بالنسبة لحقوق مرت عليها عشرات السنين، فهل يخضع ذلك الطلب للدفع بالتقادم؟

الجواب ورد في الفصل378 من قانون الالتزامات والعقود البند رقم 1 ورد فيه:

“لا محل لأي تقادم بين الأزواج مدة الزواج” ولكن، وبعد انفصام عقد الزوجية تنطلق مدة احتساب التقادم، غير أن موقف الشريعة الإسلامية من الوفاء بالدين معروف، ومن أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم: “على اليد ما أخذته حتى تؤديه”.

موقف القضاء من عمل الزوجة المنزلي، وهل يعتبر مساهمة في تنمية وتدبير الأموال المكتسبة خلال الحياة الزوجية؟

اختلف القضاء في هذا الموضوع، وصدرت أحكام متناقضة، فالمحكمة الابتدائية بالدار البيضاء اعتبرت في حكمها رقم4478 الصادر بتاريخ2006/04/24 ملف شرعي رقم04/685 أن العمل اليومي للزوجة داخل البيت هو مساهمة عند التقييم لأن عقد الزواج للعشرة الزوجية ولا يلزم الزوجة بخدمة البيت، واعتمدت المحكمة على فتوى ابن عرضون اتي جاء فيها: “ولها النصف من تركته عند الوفاة غير نصيبها في الإرث جزاء لها عما قامت به من أعمال لا تلزمها أو جزاء لها عما بذلته من جهد أثناء الحياة الزوجية، وقد سمى حقها هذا بحق الشقا” (منشور في مجلة “محاكمة”، عدد بتاريخ 6 تاريخ أبريل ويونيو2006 ، ص:305 وما بعدها).

وبعض الفقه أيد هذا التوجه ذاكرا أن مثل هذه الأحكام يمكن أن تكون ركيزة ومنطلقا لفتح باب الاجتهاد أمام المحاكم للأخذ بعين الاعتبار أن العمل اليومي للزوجة ولو داخل المنزل هو مساهمة منتجة في تنمية أموال الأسرة وقابلة للتقييم، وعارض المرحوم الشيخ محمد متولي شعراوي هذا التوجه في محاضرة من سلسلة المحاضرات التي كان يلقيها في المساجد.

أما محكمة الاستئناف بالرباط فقد كان لها رأي مخالف عبرت عنه في قرار حديث رقم88 الصادر بتاريخ 31 يناير2011 الغرفة الشرعية الملف عدد 1622/2010/716 و1622/ 2010/1171، وجاء في الفقرة الثانية من قاعدة ذلك القرار: “ما دام أن على الزوجة الخدمة الباطنة كما قال الشيخ خليل، ومن واجبها طبقا للمادة51 من مدونة الأسرة أن تتحمل مع الزوج مسؤولية تسيير ورعاية شؤون البيت والأطفال، فإن خدمتها داخل البيت لا تعتبر مساهمة في تكوين الأموال المكتسبة أثناء قيام الزوجية” (منشور في كتاب قضاء محكمة الاستئناف بالرباط، عدد:6 ، ص:230 وما بعدها)، ونحن نميل للتوجه الذي سارت عليه محكمة الاستئناف بالرباط وعلى فتوى الشيخ خليل، ليس من باب الانتصار للرجل، وإنما احتراما لشعور المرأة، فلا يقبل أن تكون العلاقة الزوجية مقتصرة على المعاشرة بما تحمله هذه الكلمة من تفسيرات الداعي للخوض فيها.

الخاتمة:

بعد تشخيص الإشكالات وما حف بها، ما هو الاقتراح الذي يمكن تقديمه لرفع تلك الإشكالات؟

بالنسبة للفقرة الأولى من المادة 49: “ذكر بعض الفقه أن الملاحظ وبعد مرور خمس سنوات على سن هذه المقتضيات، فإن الإقبال على إبرام هذه العقود يظل دون المطلوب، إذ سجل نسبة ضئيلة جدا لا تصل إلى نسبة1 في المائة، من عقود الزواج المبرمة، وهو ما يجعل حالات عدم الاتفاق على تدبير الأموال هي الغالبة، والتي يتم فيها الرجوع إلى المحكمة لحصول أحد الطرفين على حقه” هذه الملاحظة تدعونا إلى طلب حذف الحالة الأولى من الحالات الثلاث المشار إليها في تلك المادة، إضافة إلى أنها حالة محرجة ولا يستسيغها أبسط سلوك في التعامل مع الزوجة، وهي في اليوم الأول من عقد قرانها.

الحالة الثانية، ستجر الزوجين إلى الدخول في شجار وعدم الاتفاق على كيفية تقسيم الأموال، وهذا الخلاف قد يفضي إلى الفراق.

لذلك الاحتفاظ بالفقرة الأخيرة فقط التي تنص على أن حق “الكد والسعاية” يبقى خاضعا للقواعد التي تحكم سائر الحقوق ومسطرة المطالبة بها.

الأستاذ عبد الواحد بن مسعود* من هيئة المحامين بالرباط

 

النشرة الإخبارية

اشترك الآن للتوصل كل مساء بأهم مقالات اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى