المنبر الحر | مجتمعنا الظالم لخادمات البيوت
الخادمة، تلك الإنسانة التي لا حول ولا قوة لها “صابرة” من أجل لقمة عيش مرة، ومن أجل فلذات أكبادها.
والخادمات تختلف ظروفهن الاجتماعية.. فمنهن الأرامل ومنهن الشابة التي تعيل عائلتها المعوزة، ومنهن اليتيمة والصبية البريئة تعيسة الحظ، والتي قتلت عائلتها طفولتها حين أدخلوها رغما عنها لسجن اسمه العمل وتحمل المسؤولية، ومن الآباء من باع ضميره وأبوته وإنسانيته من أجل تلك الدريهمات المعدودة يتسابق كل شهر لمنزل مشغلة ابنته ليتقاضى أجرة المسكينة كاملة دون أن يدفع أو يترك لابنته فلسا واحدا، ليصرفها على نزواته في شرب الكحول وتدخين الحشيش تحت ذريعة اسمها “البلية”.. ضاربا بعرض الحائط، عرق جبين ابنته وما تعانيه المسكينة من ويلات.
وملفات المحاكم غاصة بقضايا الإجرام في حق الخادمات اللواتي ذهبن ضحية في لحظة تهور وطيش من طرف المشغلة، كإضرام النار في أجسادهن وتعذيبهن المؤدي حتما إلى موتهن، بالإضافة إلى حرمانهن من الأكل والشرب والنوم على بساط شفاف جدا في أصعب ليالي الشتاء الباردة، إذ لا يتمتعن بأبسط الحقوق كالضمان الاجتماعي(..). وأنا أعرف سيدة تعمل كخادمة منذ أن كانت في الرابعة عشرة من عمرها عند مشغلتها حيث ربت أبناءها وبناتها، وها هي تربي أيضا بناتهم وأولادهم.. نعم ربت الأجيال، وضيعت عمرها من أجل الواجب، وسنها الآن يناهز الخامسة والسبعين حولا فلا أولاد ولا معيل ولا مستقبل، والأغرب من هذا وذاك أنها لم تتزوج قط في حياتها بل تعمل دون أجر ولا مستقبل يذكر، تعمل فقط من أجل الأكل والشرب والمبيت. وهذا نموذج أمام النماذج الكثيرة في مجتمعنا الظالم السالب للحقوق.
سعيد إحديدو (الدار البيضاء)