وزير العدل السابق امشيش العلمي لحظة تكريم الرئيس السابق لنادي القضاة ياسين مخلي
الرباط – الأسبوع
منذ سنة 2011 لم يسبق أن التأم شمل القضاة، بالشكل الذي ظهروا عليه يوم السبت الماضي بالرباط، خلال اللقاء الذي دعا إليه “نادي قضاة المغرب”، حيث شوهد بعضهم وهم يلعبون بعض الألعاب في الهواء فوق سطح الفندق الذي احتضن اللقاء ليتساءل بعض الحاضرين: “ما بال القضاة هذا اليوم، هل يوجد في الأكل سبب لهذا النشاط”.
وكان اللقاء فرصة لتذكر بعض اللقطات من الذاكرة القضائية، فقد حكى أحد القضاة لزملائه، قصة القاضي الذي عزل من منصبه، لمجرد أنه كان على علاقة مع ابنة مسؤول قضائي كبير، فرق بينهما وزوجها لرجل آخر، وعزل الرجل الذي كان يريدها ليلة زفافها، وهي إحدى الحوادث التي تندرج في إطار “سنوات الرصاص القضائية”.
وكان اللقاء الذي جمع لأول مرة قضاة شباب وقضاة أصحاب تجربة كبيرة قد انطلق على وقع الصخب، عندما طلب وزير العدل السابق محمد امشيش العلمي باعتباره مسيرا للجلسة من شيوخ القضاة عدم المشاركة في النقاش، ولكن القضاة الذين تم استدعاؤهم من طرف “نادي القضاة” لم يتقبلوا هذا الأمر، لتنطلق فصول مواجهة كلامية، بلغة لم يفهمها الكثير بين الوزير والقاضي نور الدين الرياحي، رئيس “رابطة قضاة المغرب” الذي قال إن جمعيته ترفض أن تكون مجرد أداة لثأثيث المشهد، حيث ردد داخل القاعة أغنية أم كلثوم: “أعطني حريتي أطلق يدي”.
الرياحي: إن من يريد أن يحرم القضاة الشباب من تدخلات الشيوخ يريد طمس الذاكرة القضائية والتفرقة بين القضاة، ويقول قاض آخر كان حاضرا في الجلسة، إن العلمي لم يكن يريد للقضاة الشباب أن يسمعوا بعض الأمور(..).
وكانت لحظات السجال بين الرياحي والعلمي، قوية تخللتها تصفيقات الحاضرين الذين غصت بهم القاعة من كل المدن، نظرا للغة المتميزة التي تحدث بها الطرفان، حيث اختار الرياحي الإجابة على الكلمة الافتتاحية التي ألقاها العلمي (مخاطبه بوزير العدل السابق)، والتي قال فيها إنه “إنسان حالم كجان جاك روسو في كتابه أحلام المتنزه الوحيد”
Les rêveries du promeneur”
Solitaire”،
ليقول القاضي لوزيره السابق: “إن التاريخ الأدبي الفرنسي يذكر انتقادا لجان جاك روسو عندما قال أحد المنتقدين:
“C’est sur le quai de la gare que les amants s aiment le plus”
(في جنبات محطات القطار حيث يتحاب المحبون أكثر)، ومعناها أن منتقدي جان جاك روسو أرادوا أن يقولوا له: “كان عليك أن تأتي بهذه الأحلام في شبابك وليس عند قرب رحيلك” .
المتحدث نفسه، انتهز الفرصة ليدافع عن فكرة استقلال النيابة العامة عن وزير العدل، باعتبارها فكرة موجودة في ميثاق إصلاح العدالة الذي تم رفعه للملك، “إن من يتراجع عن استقلال النيابة العامة، الذي يعتبره القضاة بعد موافقة الملك على ميثاق إصلاح العدالة إنما يكاد يشك في نفسه كما كان يقول الشاعر عبد الله فيص: أكاد أشك في نفسي. لأني أكاد أشك فيك وأنت مني”، هكذا تحدث الرياحي.
ولم يفهم كثير من الحاضرين “واقعة اللونين” التي استعملها الرياحي في أسلوب بلاغي، حيث كان العلمي يحرك رأسه بالإيجاب بينما الرياحي يقول: ألم يكن ذلك بسبب حمل الوزير لقبعتين سياسية ورئاسية للنيابة العامة في نفس الوقت؟
أحد شيوخ القضاء كان حاضرا في اللقاء، شرح لـ”الأسبوع” بأن الواقعة تعود إلى سنوات، وكان يقصد بها الوكيلين العامين السابقين بطنجة (الأزرق) والرباط (الأخضر) اللذين عزلا في يوم واحد من طرف أحد الوزراء بسبب قاض كان صديق الوزير وخصمهم، وهو الذي أخبر في عشاء بأن اللونين الأزرق والأخضر سوف يعزلان، وحصل ذلك فعلا يوم الغد وبقيت الذاكرة القضائية تذكر ذلك بامتعاض شديد ليس تجريد الوكيلين العامين آنذاك من المسؤولية، وإنما ما راج من طرف القاضي صديق الوزير ولربما أراد الرياحي أن يقول بأن ذلك لم يكن في علم الوزير، لأن مشكل قضاة النيابة العامة لم يكن مع وزرائهم وإنما مع المحيطين بهم”، يقول مصدر “الأسبوع”.
فاكتفى امشيش العلمي بالقول: “أنا لم أتعسف على أحد وإنما الكرسي هو الذي تعسف علي .”
وكان يقصد من ذلك بأن كرسي الوزارة هو الذي تعسف عليه”، رغم أن الحاضرين فهموا أنه كان يقصد كرسي إدارة الجلسة، ولا أحد أستطاع أن يعرف ما إذا كانت له علاقة بهذه الحكاية أم لا(..) .