يلاحظ من خلال المندوبية السامية للتخطيط أن نسبة الانتماء إلى العمل النقابي في المغرب في حدود 3% من مجموع 10.7 مليون عاملا بالنسبة لسنة 2014، وأن هذا التدهور النقابي يعتبر عالميا لا يخص المغرب وحده إلا أنه في بلادنا يعرف تدنيا جد ملحوظ.
وفي ما يخص العالم المغاربي، فإن النشاط النقابي في البلد الجار تونس يصل إلى نسبة 18% في سنة 2012، إلا أن في المغرب التدني الذي يعرفه النشاط النقابي يرجع بالأساس إلى اللاستقرار الذي يعرفه الانتماء النقابي لدى العمال، إذ يضطرون إلى الانتقال من نقابة إلى أخرى طبقا لعوامل تأثيرية تباشر عليهم من طرف قيادة بعض النقابات الذين يتقنون نشاطهم النقابي في استمالة العمال لحسابات انتخابوية.. وحسب وزارة الشغل يوجد حاليا ما يعادل ثلاثين نقابة دون الكلام عن المنظمات المهنية أو الجمعيات الجهوية.
وبالطبع هناك بعض الطموحين النقابيين لإرساء مكانتهم يسعون إلى استجلاب أكبر عدد من المنخرطين لنقاباتهم سعيا منهم لإبراز طموحاتهم السياسوية.. إلى جانب اللوبي الذي يسعى إلى إحباط كل عمل نقابي من شأنه أن يفسد عليهم مخططهم الرامي إلى الاغتناء على حساب العمال، وكذا على حساب الخزينة العامة من خلال بعض التصريحات غير الصادقة.
ومن المعوقات التي جعلت النشاط النقابي يتدنى بعض الظواهر التي بدأت تظهر في سوق العمل كالعمل في البيت «le télé travail»، والعمل الجزئي، وكذا عقد العمل لمدة محدودة.. وهذا ما أصبح ملحوظا في الدول المتقدمة ديمقراطيا كما هو حال الولايات المتحدة.
ولكن إذا رجعنا إلى النظر في حالة المغرب في هذا الشأن، فإنه توجد عوامل أخرى جد ملفتة تجعل النشاط النقابي يعرف تدهورا لا سيما في القطاع الفلاحي الذي يشغل ما يعادل نسبة 39.4% من اليد العاملة.. إذا اعتبرنا أن النشاط النقابي يتم نسجه بشكل متقن في الحقل الصناعي أكثر منه بكثير في الحقل الفلاحي..
وإذا كان يلاحظ في الدول المتقدمة تدهور النشاط النقابي، فإن ذلك راجع بالأساس إلى اختفاء بعض فرص العمل كما هو الحال في بعض المناجم التي استنفدت مخزونها، وكذا كل ما له صلة بالبناء المينائي.
وإن التدهور النقابي هذا المسجل بالمغرب لا يسر إطلاقا أرباب العمل الذين يتوفرون على حس وطني، لأنهم يرغبون في أن يشتغلوا في أجواء مطمئنة تفسح لهم مجال المخاطب النقابي حفاظا على استقرار العمل دون المجازفة برأسمالهم إلى المجهول.
عبد الرحمن المريني (القنيطرة)