إعداد ميزانية العاصمة هي عملية وإن كانت محاسباتية وتقنية فهي بالأساس تدبير لسياسة مالية لمدينة استثنائية هي عاصمة المملكة.
وعندما نتصفح هذه الميزانية نكتشف بأنها مجرد وثيقة إدارية أعدتها مصلحة إدارية وناقشتها لجنة مكونة من بعض أعضاء المجلس الجماعي وصادق عليها في دورة عادية المنتخبون، لتفرض على العاصمة السياسية وثيقة إدارية بدون روح سياسية ولا نكهة تنويرية لمدينة الأنوار، فبنود هذه الميزانية لا تختلف عن بنود ميزانية أية قرية، وهي بنود منقولة من دوريات وزارية.
ولا بأس أن نذكر ببعضها مثل بند القضاء على الفئران، وبند خاص بالقمل وبنود أخرى بعيدة كل البعد عن حياة سكان العاصمة مثل شراء الأسلحة، أو التعويضات الخيالية التي تصب في “الجيوب” أو بنود أخرى مسكوت عنها مثل إصلاح المؤسسات التعليمية، وهي بنود غير مفعلة وفارغة من الأرصدة ومنصوص عليها في الوثيقة المالية التي خصصت لسنة 2015 ميزانية قدرها 89 مليارا و600 مليون ولكن فقط في الجزء الأول، وهناك جزء ثانٍ يتعلق بالحسابات الخصوصية، ومداخيل الفقرة الثانية وميزانية ملحقة مما يرفع المداخيل عن هذه السنة إلى 109 ملايير و220 مليونا، كلها “أخطاء” بشرية وتقنية، وتغيب عنه اللمسة السياسية، وتنقصه القوة الاقتراحية، والنظرة الإصلاحية. فمالية العاصمة في حاجة إلى إصلاح جذري بدءا من العاملين في الأقسام الجبائية والمالية ووصولا إلى المقررين من المستشارين في الجماعة والذين فشلوا فشلا ذريعا في تمتيع عاصمة المملكة بميزانية في مستوى العواصم كما فشلوا في الضغط على الحكومة لأداء ضرائب الجماعة ورسوم خدماتها كما عجزوا عن استخلاص مستحقات من المكاتب الوطنية الكبرى، وهذه المداخيل “المغيبة” هي التي يجب أن تتضمنها الحسابات الخصوصية وتبرمج في التجهيز وليس في التسيير، ويبقى مبلغ 109 ملايير و220 مليونا الذي هو مجموع مداخيل الجماعة لهذه السنة وفي نفس الوقت يشكل نفقاتها، في عالم الغيب مادام يرتكز على مجرد تقديرات.
نريد ميزانية لعاصمة المملكة مصدرها من أموال الحكومة مادامت هذه الحكومة هي المستفيدة من خدمات الجماعة أو على الأقل تؤدي لها ضرائبها.