لنبدأ بحزب الاستقلال، عندما سجل أول انتصاراته في العاصمة بفوزه بمقعد برلماني ورئاسة مجلس العمالة بفضل الاستقلالي عبد الحميد عواد، وفاز فوزا تاريخيا بمقاطعة حسان التي كانت قلعة للاشتراكيين وترأسها الاستقلالي سعد بنمبارك، وفتح فتحا مبينا مقاطعة الجامعة أكدال – الرياض، وترأسها الاستقلالي محمد البوزيدي، فأين هي الآن هذه الأسماء الاستقلالية؟ فالأول غادر، والثاني استقال، والثالث انشق والتحق بـ”بلا هوادة”.
ولنعرج على حزب الحركة الشعبية، وهو الذي ذاق أول حلاوة للذة الرئاسة في الرباط على يد الحركي سعيد أولباشا الذي ترأس مجلس عمالة العاصمة السياسية للمملكة، وينتصر الحزب انتصارات ملحوظة برئاسة مجلس الجماعة ويسيطر على كل المرافق الجماعية بقيادة الحركي عمر البحراوي الذي ضمن للحزب مقعدا برلمانيا، وتستمر الانتصارات بإضافة مقعد برلماني ورئاسة مجلس العمالة للحزب هدية من الحركي عبد القادر تاتو، وتعرفون دون شك مصير هؤلاء الفاتحين؛ فالأول انتفض وترأس لجنة للإصلاح والتصحيح، والثاني ابتعد من الحزب، والثالث جمدوا عضويته في الهياكل الحزبية.
فهذه الأطر الحزبية سواء في حزب الاستقلال أو في حزب الحركة الشعبية نجحوا نجاحا باهرا في رسم حزبيهما على الخريطة السياسية لمدينة الرباط وعملوا على فرض مكانتهما في العاصمة، والجهة. واليوم نتساءل: ما مصير الحزبين بدون صناع أمجادها في رباط الفتح؟ وهل هؤلاء “الصناع” أدوا ثمن انتصارات الحزبين؟ أم أنهم ضايقوا بهذه الانتصارات زملاءهم؟ أم أن الحزبين يفضلان مدنا غير العاصمة؟ كل شيء ممكن؛ فباستثناء حزب الاتحاد الاشتراكي، تهتم باقي الأحزاب أكثر بالمدن والقرى الأخرى.
نعلم بأن هناك مشاورات واتصالات وتدخلات لمحاولة جمع الشمل، ونعلم أيضا بأن لا الغاضبين في الحركة الشعبية ولا المنشقين في حزب الاستقلال ينوون “الطلاق” الرجعي، بل يرغبون وهذا من حقهم في اعتبارهم من المكافحين المدافعين المتموقعين في الصفوف الأمامية “القتالية” لإسماع وإبراز سياسة حزبيهما، وذلك بتقريبهما من القرارات، فلا يعقل أن يبقى ممثلو العاصمة السياسية خارج التغطية، إننا كسكان نريد حزب استقلال قوي بكل عناصره التي تمتاز بحنكة سياسية فريدة، وبتكوين في الممارسة الجماعية، ونرغب في لَمِّ شمل حزب الحركة الشعبية ليتمكن من مواجهة الانتخابات في جماعة الرباط، وليفاجئنا كما هي العادة بالنتائج الحسنة. وإلا، فالكارثة تنتظر الحزبين في مقاطعات المدينة، ولن نغفر لا لحزب الاستقلال ولا لحزب الحركة الشعبية السماح في العاصمة لا لشيء إلا لإرضاء نزوات شخصية لتيارات مصلحية.
ويؤسفنا أن نلاحظ على الحزبين “نسيان” مناضلين مثل: عبد الحميد عواد من الاستقلال، وعمر البحراوي من الحركة الشعبية.