منذ وصول الجالية المغربية للدنمارك، في فترة الستينات من القرن الماضي، وهي تساهم في اقتصاد المملكة المغربية من خلال التحويلات المستمرة، مهما كانت الظروف والأحوال. ولا يوجد في الدّانمارك، إلا مؤسسة مالية مغربية وحيدة دون منافس لها على الإطلاق. وهي التي كان من المفترض أن تلعب دورا ما، لربط الجالية المغربية بموطنها الأصلي المغرب. ليس فقط لمساهماتهم من خلال التحويلات المالية المهمة التي يقوم بها أفرادها دون فتور لتنمية بلدهم ـ رغم الصعوبات ـ التي يعانونها بسب الأزمة المالية العالمية. ولكن كمكون إنساني، يحتاج إلى مساعدة وعناية فائقة، لترسيخ الروابط الروحية، والثقافية مع وطنهم الأصلي، وقد كان من الممكن أن يتأتى ذلك بلعب أدوار حقيقية عن طريق المساهمة والدّعم المفترض أن تقوم به المؤسسة المالية الوحيدة دون منافس “مجموعة البنك الشعبي” في الدّنمارك. ولو على سبيل الإشعاع، والتشجيع، والتواصل مع أبناء الجالية المغربية، وتركيزا نحو الجيلين، الثاني والثالث، لربط الجسور مع الوطن الأم المغرب. وذلك من خلال البرامج السوسيو ثقافية والرياضية والفنية… إلا أنه للأسف الشديد أي (مجموعة البنك الشعبي) لم تقم حتى الساعة، بأي دور يسجل على الإطلاق في ما ذكر!!.
لهذا الغرض، ومن أجل التواصل كما أسماه المدير العام للبنك الشعبي، السيد “الوردي العايدي” الذي وصل للدنمارك في زيارة عمل (تفقدية) الخميس 28 مارس، مصحوبا بإطار قانوني متمثل في السيد “سعيد بربال” مدير عام مساعد، بعد أن مر على الجالية المغربية في الدّنمارك ما يناهز الأربعين عاما.
استهل المدير العام لمجموعة البنك الشعبي السيد “الوردي” حديثه في لقاء تواصي مع أبناء الجالية، اليوم الجمعة 29 مارس عن تاريخ المؤسسة المالية وبرامجها العامة، وخططها في التسيير الاستراتيجي، والمراحل الذي قطعها مجموعة البنك الشعبي، سواء داخل المغرب، أو في انتشاره على أرض القارة العجوز، وانفتاحه مؤخرا على القارة السمراء الفتية، بحكم انتماءه وجذوره الإفريقية الضاربة في التاريخ، وحضوره المتميز من خلال المشاريع التنموية، مذكرا بأهمية القارة الإفريقية من خلال الدراسة “الماكنسية” التي تقول: أن القارة السمراء في أفق 2020 ستصل إلى كثافة سكانية تبلغ مليارين نسمة. وأن 400 مليون منهم ستكون لهم قدرة شرائية مرتفعة ومهمة، وبالتالي؛ فإن القارة الإفريقية هي السوق الأمريكية المستقبلية بامتياز…
في الحقيقة، أن حديث السيد “الوردي” اتسم بلغة الأرقام والمؤشر والإحصائيات والنسب المئوية عن المجموعة البنكية، وهو ما عده بعض الحضور، حديث بعد الشقة بين ما يتطلعون إليه من معلومات تقرب لأذهانهم حلا لمشاكلهم وهمومهم وانشغالاتهم، في ما يتعلق بتقريب الإدارة من المواطن، وتسهيل المساطر، سواء في بلد الإيواء الدّنمارك، أو في بلدهم الأم المغرب؛ رغم أن كلامه كان بالفعل مرتبط بمجموعة البنك الشعبي. وبعد انتهاء المدير العام السيد “الوردي” من محاضرته الطويلة، فُسح المجال للمناقشة وطرح الأسئلة التي كانت في مجملها تصب في خانة واحدة، وهي غياب التواصل بين المؤسسة البنكية والجالية المغربية، مقارنة بما هو الحال عليه في دول أوروبية أخرى، كألمانيا وهولندا وفرنسا وبلجيكا.. كما كانت هناك أسئلة بإلحاح عن كيفية تلبية طلبات أبناء الجالية المنخرطين في الشبكة البنكية، حيث أكد السيد المدير، أن مجموعة البنك الشعبي هي الآن في إطار تطوير منتوجها من أجل تلبية جميع الرغبات لزبنائها مراعاة للإخلاف والتنوع، منوها بتجربة الأبناك التشاركية في إشارة إلى ( المصارف الإسلامية) التي سيعرفها المغرب في أفق 2016.
ثم كانت هناك مطالبة صريحة وواضحة من أغلبية المتدخلين من أبناء الجالية المغربية؛ من خلال، إما خطب مكتوبة قُرئت في المقام، أو كلمات مُرتجلة، وجمع للتوقيعات؛ بعدم نقل الوكيل الجديد الأستاذ “كمال الغزيوي” من عمله إلى وجهة أخرى. أولا: نظرا لقرب مكتبه وموقعه الإستراتيجي في وسط العاصمة كوبنهاغن، وأوقات العمل المساعدة، ولتفانيه في عمله، وحسن تعامله مع زبناء البنك، ليس فقط مع الجيل الأول، ولكن لتواصله السهل والسلس مع الجيلين الثاني والثالث، وذلك كما ذكر المتدخلون، لإتقانه على الأقل أربع لغات؛ العربية والفرنسية، والإنجليزية، ولغة البلد الدانماركية، التي تعلمها في ظرف قياسي، بالإضافة إلى مؤهلاته المهنية. وأنا شخصيا للأمانة، لمست مؤخرا من خلال تواصلي مع الأخ الأستاذ “كمال الغزيوي” استعدادا غير مشروط للتواصل مع الجالية، من أجل العمل على شرح كل ماهو متعلق بالمؤسسة المالية، والامتيازات التي يمكن لأفراد الجالية المغربية الحصول عليها من جهة التأمين، والمساعدات المنصوص عليها في ميثاق المؤسسة المالية، خصوصا ما تعلق بتأمين الجثة وإعادتها للدّفن في المغرب، وما يشوب هذا الملف من تساؤلات وتعقيدات لم تحل إلى حد كتابة هذه النص، إذا استثنينا وعود السيد الوردي بإيجاد حل نهائي قريبا.
وفي لقائه مع جمعيات المجتمع المدني، في اليوم الموالي دار نقاش غير صحي، ولا يمت للديمقراطية بصلة، وشعر كثير منا كأنه في حلبة صراع وحشد، انقسم الجمع فيه بين فسطاطين؛ حول الموضفين، (السي كمال، والسي إبراهيم). مع العلم أن لكل الرجلين في نظري عند الجالية منتهى التقدير والإحترام اللذان لا ينفك. وقد أكد السيد الوردي في ختام لقائه على جديته في العمل على نقل مطالب الجالية بكل مصداقية وحزم حتى تتحقق.
وحتى لا ننسى؛ فأن تحويلات مغاربة العالم تصل إلى أكثر من 60 مليار درهم، وأن حجم ودائعهم لدى مجموعة البنك الشعبي، ارتفع خلال العام الماضي إلى حوالي 80 مليار درهما، أي عرف زيادة نسبتها 3.4 في المائة، وأن مجموعة البنك الشعبي تستحوذ على نسبة 52 في المائة من حصة ودائع مغاربة العالم، وعلى نسبة 35.8 في المائة من تحويلاتهم. وبهذا تقف مجموعة البنك الشعبي، محافظة على مكانتها فيما يتعلق بحجم الودائع بالمغرب، حيث ارتفعت حصتها إلى 26.8 في المائة، أي بزيادة 7 نقاط.
ومما ذكر في فترة الأسئلة والنقاش بإيجاز هذا المطلب: متى السيد “الوردي العايدي” سنشهد أخذكم زمام المبادرة للتعاطي مع ما ذكرنا أعلاه، من برامج سوسيو ثقافية، اعترافا بجهود الجالية المغربية في الدّنمارك؟؟؟ وعلى المجهودات الكبيرة التي تقدمها الجالية المغربية بالدّنمارك في سبيل التعريف بالمملكة المغربية لدى باقي الثقافات والدول الأخرى في مختلف التظاهرات، وألا تبقى هذه الزيارة يتيمة.
ألا تستحق الجالية المغربية من مجموعة البنك الشعبي التي تمثلونا عناية خاصة وتشجيع يليقان بجهودها في دعم اقتصاد بلادنا المغرب العزيز؟
نأمل أن يكون جوابكم عمليا.
محمد هرار (الدّنمارك)