سئل السياسي الراحل عبد الهادي بوطالب عن رأيه في تمرد 1957 الذي قاده عدي وبيهي عامل إقليم قصر السوق (الرشيدية حاليا)، فقال: “عدي وبيهي كان ينتمي إلى النزعة القبلية والعالم القروي قبل كل شيء ولم تكن له ثقافة، والتمرد الذي قام به على الحكومة أثار غضب حزب الاستقلال عليه، زيادة على كونه لم يكن يسمح لأعضاء هذا الحزب بالقيام بأنشطة حزبية في عمالته، فعزل من منصبه وحكم عليه بالسجن ثم الإعدام(..)”.. وسئل عن علاقة عدي وبيهي بالملكية وعن رغبته في إقامة “جمهورية أمازيغية”، فقال: “هذا غير صحيح، إن الملكية في المغرب لم تكن في وقت من الأوقات موضوع نزاع أو خلاف بين المغاربة. كان المغاربة على اختلاف نزعاتهم يرون في النظام الملكي رابطة توحيد المغرب ورمز الشرعية التاريخية وازدادت الملكية شعبية بعد ثورة الملك والشعب وعودة السلطان إلى عرشه حاملا الاستقلال والحرية.. وكان وبيهي معروفا بولائه للعرش وتعلقه بشخص الملك، وكان الأمر كذلك في ما يخص البطل المجاهد عبد الكريم الخطابي حينما كان يكافح الاستعمار الفرنسي والإسباني في منتصف العشرينيات من القرن الماضي”.
هكذا تحدث عبد الهادي بوطالب عن أقدم تمرد لأحد ممثلي وزارة الداخلية بالرشيدية، وهو العامل عدي وبيهي، في كتاب “نصف قرن من السياسة”، وكان المغرب قد طوى منذ الستينيات صفحة تمرد “ممثلي المخزن” بالأقاليم، قبل أن تتحدث وسائل الإعلام مؤخرا عن تمرد قائد مقاطعة في أكبر مدينة في المغرب، حيث قالوا إن قائد الدائرة 17 بمرس السلطان، جيش عددا من المواطنين والتجار للتمرد على قرار يقضي بتوقيفه(..).
الصحفيون الذين تطرقوا للنازلة قالوا إن عمالة مرس السلطان عاشت حالة استثنائية شبيهة بالفتنة(..)، مما يعني أن التمرد الأخير للقائد، شبيه إلى حد كبير من حيث الشكل مع ما فعله عدي وبيهي مع اختلاف في السياق(..)، وليس “سابقة من نوعها” كما كتبت بعض الصحف.