الـــــــــــرأي

عندما اشترى ولي عهد المملكة العربية السعودية جريدة الشرق الأوسط بريال واحد

بقلم : رمزي صوفيا    

أثناء تواجدي في مدينة الرياض، عاصمة المملكة العربية السعودية، لإعداد ملفات الموسوعة الاقتصادية، كان لابد لي من التعرف على أمير منطقة الرياض، صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز، الذي قدمني له وكيل إمارة الرياض الشيخ عبد الله بليهد، وكان اللقاء رائعا، حيث احتضنني الأمير بكل تواضع وطيبوبة وقال لي: “أنا أعرفك من خلال كتاباتك المتنوعة في المجلات اللبنانية، وأنا معجب بالحوارات الصحفية التي تجريها مع نجوم السينما العربية والعالمية، وأضاف قائلا: “مرحبا بك في المملكة العربية السعودية، واعتبر نفسك ضيفا معززا مكرما بيننا”.. وهكذا تشرفت بصديق كله شهامة عربية هو الأمير سلمان بن عبد العزيز، وتوطدت علاقتي به حيث ساعدني كثيرا في القيام بمهمتي في المملكة العربية السعودية حيث عرفني على أهم الشخصيات ورجال الأعمال.

——————

عندما كنت أصدر موسوعة اقتصادية عن دول الخليج في فترة عز وفورة البترول في العالم، وكانت هذه الموسوعة من فئة 500 صفحة باللغة العربية و500 صفحة باللغة الإنجليزية زاخرة بالمعلومات والملفات الاقتصادية تحت اسم مؤسسة الحلال العربية – سِجِلُّ البارزين – التي كنت أصدرها مع شريكي العراقي سامي اليوسف والتي دام صدورها على امتداد عشرة أعوام بمعدل عدد واحد في السنة، قبل أن نقرر إيقاف صدورها أنا وشريكي الذي يقيم حاليا في لاس فيغاس بالولايات المتحدة الأمريكية.

وأثناء تواجدي في مدينة الرياض، عاصمة المملكة العربية السعودية، لإعداد ملفات الموسوعة، كان لابد لي من التعرف على أمير منطقة الرياض، صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز، الذي قدمني له وكيل إمارة الرياض الشيخ عبد الله بليهد، وكان اللقاء رائعا، حيث احتضنني الأمير بكل تواضع وطيبوبة وقال لي: “أنا أعرفك من خلال كتاباتك المتنوعة في المجلات اللبنانية، وأنا معجب بالحوارات الصحفية التي تجريها مع نجوم السينما العربية والعالمية، وأضاف قائلا: “مرحبا بك في المملكة العربية السعودية، واعتبر نفسك ضيفا معززا مكرما بيننا”.. وهكذا تشرفت بصديق كله شهامة عربية هو الأمير سلمان بن عبد العزيز، وتوطدت علاقتي به حيث ساعدني كثيرا في القيام بمهمتي في المملكة العربية السعودية حيث عرفني على أهم الشخصيات ورجال الأعمال.

مرت السنوات تِباعا، فكانت المفاجأة الرائعة عندما اشتريت شقة في مصيف ماربيا الإسباني، لأكتشف بأن القصر المجاور للعمارة التي توجد بها شقتي هو في ملكية الأمير سلمان، وهكذا بدأت ألتقيه كل صباح أثناء مزاولتي لرياضة المشي حيث كنت أرى الأمير وهو يمارس نفس الرياضة في الصباح الباكر بكل تؤدة. وعندما كان يلمحني كان يتوقف ويسألني دائما ببشاشته وابتسامته الطيبة: “لماذا لا تزورني في بيتي، إنه قريب جدا من الشاطئ”. فأجيبه: “يا سمو الأمير، إنني جارك ومنزلي ملاصق لقصرك العامر”. فيجيبني: “إذن هذا سبب وجيه لتقوم بزيارة قصري، فالجار من واجبه زيارة جاره. وسوف أعاتبك إذا لم تأتِ لزيارتي”. وعندما بدأت أزوره كنت أجد العشرات من الناس من مختلف الجنسيات ومن قوميات ومناطق متباينة وهم يقفون في صفوف وكل واحد يمسك رسالة في يده ملتمسين فيها العمل أو المساعدات المالية والعينية. وكانوا يلهجون بالدعاء للأمير الكريم. وكان بعضهم يبكي من فرط الامتنان للأمير، وأذكر مرة منظر سيدة ممسكة بأيدي أربعة أطفال صغار وهي تبكي أمام باب قصر الأمير. وعندما سألت المساعدين عن سبب بكائها قالوا لي بأنها كانت تبكي من الفرحة بعد أن أمر الأمير بمنحها مساعدة مالية شهرية لتغطية نفقات أبنائها الأيتام وهي في ديار الغربة، بعد وفاة زوجها الذي كان المعيل الوحيد لها ولأيتامها الأربعة.. لقد كان الأمير وهذه شهادة لله لا يرد طالب مساعدة ولا يصد من طرق بابه حيث كانت تعليماته واضحة لكل مساعديه بأن لا يتخلوا عن أي شخص يطلب المساعدة وأن يمنحوا كل طالب حاجة حاجته.

وسأحكي لكم كيف وصل امتياز جريدة “الشرق الأوسط” إلى رحاب هذا الأمير النابغة الذي عشق الثقافة حتى النخاع. وهذا سر لا يعلمه سوى القليلون، حيث كان المرحوم الشيخ كمال أدهم قد حصل على رخصة إصدار الجريدة في لندن، وهو شقيق زوجة الملك الراحل فيصل بن عبد العزيز وخال الأمير سعود الفيصل وزير خارجية المملكة العربية السعودية حاليا. وقد شغل الشيخ كمال أدهم مناصب هامة ومتعددة كان أولها منصب مدير الاستخبارات العسكرية، وكان يكلفه الملك فيصل بنقل رسائله الملكية إلى الملوك ورؤساء كل دول العالم، وهكذا توطدت علاقة الشيخ كمال أدهم بالراحل العظيم الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه، ونظرا للصداقة المتينة التي ربطت بين الشيخ كمال أدهم والملك الحسن الثاني فقد اشترى ثلاثة منازل في الدار البيضاء. وللصدفة العجيبة الطيبة جدا كان منزلي في الدار البيضاء مجاورا لمنزله، مما جعل الصداقة بيننا تتقوى وتتمتن. فبدأت أنشر مذكراته في جريدة “السياسة الكويتية” (الطبعة الدولية) التي كانت تصدر في الدار البيضاء. وكنت مديرا لتحرير الجريدة. وكان سعيدا كل السعادة بهذه المذكرات التي كانت تلقى إقبالا ومقروئية كبيرين. وذات يوم سألته: “سمو الشيخ كمال، لقد سمعت من مصدر موثوق منه بأنه قد كانت لك علاقة بصدور جريدة “الشرق الأوسط” في لندن، فماهي هذه الصلة يا ترى؟ فصمت قليلا وقال لي: “سوف أروي لك كل شيء حول تفاصيل صدور جريدة الشرق الأوسط وأريدك أن تحتفظ بهذه المعلومات في سرية تامة طالما دمت أنا على قيد الحياة”، فأجبته على الفور: “طبعا، طبعا. لن أنشر أي شيء عما ستبوح لي به طيلة حياتك”، فأشعل السيجار وأخذ يرتشف الشاي وهو يحكي لي بكل هدوء كعادته رحمه الله: “أنا الذي أنشأت جريدة الشرق الأوسط في لندن بعد أن استقر قراري على إصدار جريدة عربية تكون زاخرة بأرقى الأقلام وأفضل الزوايا الصحفية لتعزز الخزانة الإعلامية العربية، وقد صرفت عليها مبالغ مالية طائلة حتى أخذت المكانة اللائقة بها وذاع صيتها من حيث المستوى الإعلامي الرفيع والمصداقية الصحفية الكبيرة. وكنت آنذاك أشغل منصب مستشار للملك الراحل خالد بن عبد العزيز الذي كان أميرا على منطقة الرياض، والذي أصبح ملكا للمملكة العربية السعودية بعد اغتيال الملك فيصل بن سعود رحمه الله، وكنت كثيرا ما ألتقي بالأمير سلمان بن عبد العزيز أثناء زياراته للملك خالد. وذات يوم قال لي الأمير سلمان: “عزيزي الشيخ كمال، أريد منك أن تبيع لي امتياز جريدة الشرق الأوسط ويمكنك تحديد المبلغ الذي تريدني أن أدفعه لك مقابل هذا التنازل”، وأخرج دفتر الشيكات من جيبه ووقع لي شيكا على بياض، فابتسمت في وجهه الكريم وأنا آخذ منه نفس القلم الذي وقع به الشيك، وكتبت مبلغ ريال سعودي واحد. وهكذا اشترى مني الأمير سلمان امتياز هذه الجريدة العريقة بمبلغ رمزي لا يتجاوز ريالا سعوديا واحدا، وبعد ذلك تولى أولاده الأمراء رئاستها تباعا وتسييرها بطريقة جعلتها اليوم من أكبر المطبوعات العربية اليومية ومن أكثر الجرائد نجاحا ومصداقية.

ويعتبر الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع بالمملكة العربية السعودية، الابن الخامس والعشرون من الأبناء الذكور للملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود من زوجته الأميرة حصة بنت أحمد السديري، وهو أحد أهم أركان العائلة المالكة السعودية، إذ هو أمين سر العائلة ورئيس مجلسها، والمستشار الشخصي لملوك المملكة، كما أنه أحد من يطلق عليهم السديريون السبعة من أبناء الملك المؤسس.

والأمير سلمان بن عبد العزيز مفخرة من مفاخر الشخصيات العربية الفائقة الشهامة حيث اشتهر بنبل أخلاقه وكفاءته، كما عرف باهتمامه الكبير بالثقافة والمثقفين؛ فهو حاضر في كل المنتديات الفكرية والثقافية. عدا عن أنه يسخر كل مجهوداته للعلم ولتطوير الخزانة العلمية العربية.

ولصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض الذي أمضى زهرة شبابه في خدمة هذه المنطقة ودرتها الرياض منذ أكثر من أربعين عاما له جهود دؤوبة في العمل المخلص لتنمية هذه المنطقة وتطويرها
ليس هذه فحسب، بل إن نشاط سموه لم يقتصر على العمل الرسمي بل كان له باع طويل في العمل الإنساني، حيث كانت الرياض مركز نشاط خيري داخلي وخارجي يشرف عليها الأمير سلمان.
ومع أن مدينة الرياض قد حظيت بجهد خاص من الأمير سلمان باعتبارها عاصمة البلاد ومنطلق وحدتها، إلا أنه لم ينس بقية مدن المملكة، كما أنه ظل مثالا كبيرا لرجل الدولة الذي مثل بلده في أكبر منتديات العالم بفضل الثقة الكبيرة التي يوليها له خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد لعزيز الذي لعب دورا هائلا في النهضة والنماء اللذين ترفل فيهما اليوم المملكة العربية السعودية.

وقد قدم الأمير سلمان الكثير من الخدمات الجليلة لوطنه وللعالم لعربي منخرطا في العمل الدؤوب والجاد لإعطاء وجه مشرق عن بلده، وبفضل ثقافته الكبيرة وسعة اطلاعه فقد ظل الأمير سلمان مضرب المثل في المواقف الحكيمة والمشرفة التي تتباهى بها حيث تكون كل تدخلاته وكلماته في المؤتمرات واللقاءات الدولية التي يمثل فيها بلده عبارة عن دروس في السياسة الدولية الناجعة، لهذا ظل طيلة هذه السنوات التي خدم فيها وطنه موضع ثقة خادم الحرمين الشريفين الذي لمس إخلاصه لبلده ورغبته القوية في جعل المملكة العربية السعودية في مصاف الدول العظمى.

النشرة الإخبارية

اشترك الآن للتوصل كل مساء بأهم مقالات اليوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى