الحـقــيقة الضــــائعة | فضيحة سياسية من الوزن الثقيل
غداة الخطاب الذي ألقاه الملك محمد السادس بمناسبة ذكرى المسيرة (6 نونبر 2014) الخطاب الذي تحدث بمنطق جديد عن قضية الصحراء، تطبعه الجدية والتجديد، والذي تميزت أهميته بالتعليق الذي أدلى به غداة الخطاب، صباح 7 نونبر بقناة 24 الفرنسية، معلق سياسي جزائري من وهران، قال بأن هذا الخطاب، يحتم على الجزائر أن تغير سياستها، لنتفاجأ في نفس الصباح، عبر صحيفة الناس (عدد 7 نونبر) بشخص يسمى مصطفى عزيز ((يوجه رسالة إلى رئيس أنغولا، يدعوه فيها إلى الاجتماع بالملك الشاب محمد السادس، حيث سيكون شعب المغرب، مدينا(…) لرئيس أنغولا، إلى الأبد)).
هذا الشخص نفسه، سبق أن نشر في الصحف، أيضا، بأنه أعطى نصف مليار، من أجل دعم الدبلوماسية المغربية الموازية(…) (صحيفة الناس 27 شتنبر 2014) وكان رئيس الشركة التي يتكلم مصطفى عزيز باسمها قد عقد ندوة صحفية في باريس، رغم أنه حسب شهادة الأطباء في حالة خطيرة عندهم بالمستشفى، ليؤكد أنه فعلا خصص 500 مليون هو وشريكه مصطفى عزيز، لدعم الصحراء، مضيفا أن كل الأموال التي سيسترجعها سيعطيها للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
ورغم التساؤل عمن أخذ، أو ينتظر(…) هذا النصف مليار، من متكلم باسم شركة تعاني من أزمة خانقة، حيث يفكر الباقي من عمالها في التوقف بعد أن توقفت أجورهم، فإن مبادرة الوساطة التي اقترحها هذا المسمى مصطفى عزيز، عارضا فيها التحضير لاجتماع بين ملك المغرب، ورئيس أنغولا، تحتم التساؤل أولا: عن سكوت الأجهزة الدبلوماسية والمخابراتية والحكومية المغربية، عمن فوض لهذا الشخص المجهول في المغرب، والذي لا يساوي في الساحة السياسية والحزبية شيئا، أن يعرض وساطة غداة وضع الملك محمد السادس في خطاب 6 نونبر، لأسس جديدة للتعامل مع قضية الصحراء، داخليا وخارجيا، وكيف له أن يتحدث عن منح نصف مليار، لتتناقل سفارات الدول الأجنبية في الرباط، هذه المبادرة، وتبحث عن صاحبها، الذي يكفي الرقن على الأنترنيت ووضع اسمه، ليأتي الرد، بأن هذا الشخص، هو تاجر سلاح مشهور، وعلى مدى سنوات طويلة، تكتب عنه كل الصحف المهتمة بإفريقيا وبالقضايا الخطيرة، مثل اختطاف الصحفيين في العراق، فيصفه موقع “أكورا”، بتاريخ 18 فبراير 2011 ((بأن مصطفى عزيز لبناني(…) في إطار توفره على كثير من الجوازات(…)، جواز مغربي، جواز سوداني، جواز دبلوماسي، جواز إيفواري، ساكن بباريس، مراقب بأنه تاجر سلاح)).
ويصفه موقع “لوباتريوت”، في ساحل العاج ((مصطفى عزيز هذا التاجر الذي يتقدم للناس على أساس أنه سعودي يتكلم بفرنسية، بينما السعوديون يتكلمون بالإنجليزية، ولكنه معروف بأنه تاجر سلاح مشهور، باع السلاح في كثير من الدول في الشرق الأوسط وإفريقيا، متهم بالمشاركة في عدة عمليات الترافيك الدولي الذي زود بالأسلحة مختلف المنظمات من قبيل منظمة فانسي)).
محرر “مجلة جون أفريك”، فرنسوا سودان”، كشف عن مصطفى عزيز هذا تورطه في قضية الاختطاف المشهورة جوليا، وقال عنه ((مغربي، سعودي، ورط الرئيس كباكبو في عملية اختطاف البرلماني الفرنسي جوليا من أيدي المختطفين العراقيين، قبل أن يظهر مصطفى عزيز في لواندا، بجانب دوسانطوس، وقبل أن يظهر سنة 2002 مع الرئيس كباكبو، عندما كان يحضر عملية هروبه، مصطفى عزيز الذي شارك “سافيمبي” في عملية الأحجار الجواهر، لجماعة أونيتا. مصطفى عزيز اسمه يظهر مع الكاتب العام للمؤتمر اليهودي الأروبي سيرج كوانكيوم، ليذكر اسمه في صفقة تزويد ساحل العاج بالأسلحة الإسرائيلية(…) علما بأن علاقات مصطفى عزيز ببعض الفصائل السنية(…) في العراق جعلته يشارك سنة 2004 في العملية الفاشلة، عملية اختطاف الرهائن الفرنسيين)).
فما هي الدوافع التي جعلت هذا الشخص ذي الماضي الخطير، يتدخل باسم المغرب، كفاعل سياسي في قضية الصحراء، يعرض على رئيس دولة إفريقية الاجتماع بملك المغرب، الذي يتوفر على حكومة، وعلى وزير للخارجية وعلى جهاز للمخابرات، وجهاز لحماية التراب الوطني، ويأتي هذا الشخص ليتجاوزهم جميعا، ويذيع بأنه تبرع بنصف مليار على الأجهزة(…) المكلفة بالصحراء، دون أن يثير تدخله المشبوه، أي اهتمام، وكأن المغرب بدون حكومة، وبدون رقابة، دولة متسولة محتاجة، خصوصا أمام مبادرة شخص أجمعت صحف العالم أنه تاجر سلاح. كان طرفا في الأحداث التي أفرزتها الصراعات الإفريقية وأسقطت تحت عينيه الكثير من الأنظمة.
وزير العدل المغربي ولاشك، هو الوحيد الذي يعرف دوافع هذا الشخص، لتبنيد دوره في اتخاذ مبادرات مشبوهة تجاه القضية الوطنية، مواكبة لقضيته المعروضة أمام محاكم الدار البيضاء.
مصطفى عزيز هذا، الذي سجلت المحاضر البوليسية في تارودانت، وهو أصلا من تارودانت، أنه تسلط على رئيس شركة درابور لجرف الرمال، بعد أن تعرف عليه منذ سنتين(…) وعزله عن أسرته، أولاده، وزوجته التي عاشت معه أربعين عاما، ونقله إلى فيلا، اكتراها لهذا الرجل الثري، والشبه أمي، في حي كاليفورنيا بالدار البيضاء، منطقة عين الشق بعشرة ملايين في الشهر تدفع لأحد الفرنسيين بالأورو(…)، وهيمن عليه، بوسائل هناك شهود يعرفون تفاصيلها، لينتهي الأمر، بحصول مصطفى عزيز، على أسهم في شركة درابور لحفر الرمال، وتفويضه بتسييرها، واتهام لزوجة مالكها الرجل المحجوز، وولده، بأنهم سرقوا لأبيهم من شركته ستين مليارا(…)، حسب التصريح المسجل بصوت الأب المحتجز، رغم أن شركة درابور، مشتراة في إطار المغربة، سنة 2007، بـ32 مليار، فيها تمويل قرض من طرف البنك الشعبي قيمته 24 مليار، فكيف تسرق امرأة عاشت مع زوجها أربعين عاما، ستين مليارا من شركة ثمنها كله بتجهيزاتها وبواخرها 32 مليار، وسيسأل وزير العدل هل هناك محام في فرنسا اسمه شباط، هو محامي هذا المصطفى عزيز، الذي يمثل دور المحامي فقط، وهل هو على علم، بالظروف القضائية التي جعلت قاضي التحقيق(…) يأمر بحبس الولد الأكبر، لصاحب الشركة، ومعه إثنا عشر من موظفي الشركة، تشهد ملفاتهم أنهم لم يعتقلوا، إلا في إطار تصديق الأطروحة التي استعملها مصطفى عزيز، بحجة أن قرار الاعتقال، يردد تعبير اتهام خيانة الأمانة في حقهم جميعا، حتى المدير الإداري الذي كان يتصرف في الإدارة وليس له أي حق في الإمضاء، ولنقرأ محضر شعبة التحقيق في المحكمة الابتدائية، لنقرأ كيف يمكن اتهام إثني عشر شخصا بنفس العبارة، وكأن المتهمين حزب سياسي.
وها هي عائلات المعتقلين تبكي وتندب حظوظ هؤلاء الموظفين والموظفات البؤساء، وقد اعتقلوا، بما فيهم ولد صاحب الشركة، ورئيس الموظفين، والكاتبات، وحتى المكلف بقسم الإعلاميات، ووزير العدل يعرف، أن المسؤول الأول في الشركة، عبد البر مروازي، الذي يعرف الخبايا والأسرار(…)يقال في حقه أنه هارب(…) وهو في الواقع مبعد، حتى لا يقول كل شيء أمام المحكمة.
فما هو سر الحكاية.. وهل يتحول المتصرف الجديد باسم الشركة وقد تعرف بمالكها منذ سنتين فقط، ليعقد الندوات الصحفية، بأنه أصبح المتصرف الوحيد في الشركة، وقد سجن مديرها ولد المالك الحقيقي، وتابع أمه في السراح المؤقت، ونقل صاحب الشركة العجوز، وقد أصيب بسرطان، إلى المستشفى سان سيمون بباريس، ليكتب مدير المستشفى الدكتور كامبير، بأن صاحب المعمل لحسن جاخوخ مصاب بمرض خطير.
ولم يلمح مصطفى عزيز في قضية مبادرته السياسية للجمع بين ملك المغرب ورئيس أنغولا في هذه المناسبة فقط، فقد أخذ من عند رئيس الشركة مئات الملايين، لبناء قصر في تارودانت يقول لمدير الشركة، إن الملك محمد السادس سيستقر به(…)، وهو ما كشف عنه ولد صاحب الشركة في تقرير محاميه الأستاذ طبيح، الذي يكشف من الخبايا والأسرار، ما يحتم على مدير حماية التراب الوطني، أن يبحث في الكثير من الجزئيات، التي لها علاقة بالأمن الوطني، خصوصا بعد أن اكتشف أفراد عائلة المالك جاخوخ، أن كل بيوتهم كانت مرصفة، بميكرفونات التصنت بما فيها بيت صاحب الشركة، ويذكر طارق ولد المالك المعتقل في شكايته، أنه وجه رسالة مفصلة إلى إدارة حماية التراب الوطني “د س ت”، للبحث في الموضوع دون أن ندري ما إذا كانت هذه الإدارة قد قامت بالواجب(…).
إدارة الضرائب نفسها وها هي المحكمة لم تجد محضرا لحسابات درابور ولا تصريحا سنويا للمداخيل والمصاريف، هي أيضا، لم تتحرك بعد أن تحول تسيير شركة درابور، وقد كانت أيام تبعيتها للحكومة المغربية نموذجا راقيا يرد الملايير سنويا على صندوق الدولة، فلما أصبح هذا الخبير في تجارة الأسلحة مفوضا لتسيير هذه الشركة الوطنية، أصبح أسلوب التعامل بدون فاتورة، هو المعمول به، ولا يعرف أحد، كيف لم يتدخل البنك الشعبي وديونه على الشركة تبلغ الملايير للمطالبة بتحقيق في تسيير هذه الشركة أو الرقابة القضائية منذ أن أصبحت رهن إشارة مصطفى عزيز، الذي قال في ندوة صحفية أنه استرجع مليارين، دون أن يذكر ما هو الحساب الذي صبت فيه هذه الملايير، كما لم يقدم للمحكمة تفاصيل عن الستين مليار التي يتهم ولد وزوجة المالك جاخوخ بالسطو عليها.
هذه المرأة التعيسة، وقد عاشت مع زوجها في عز وسلام، أربعين عاما، تحولت إلى مظلومة، متهمة، مهددة بالاعتقال، تستنجد بملك المغرب، لإعادة الأمور إلى نصابها متوسعة في المسار الغريب ((لهذا الشخص، الذي يكشف الأنترنيت، أنه لا يوجد أي إنسان عاقل ومستقيم يتمنى أن يلقى هذا الشخص في طريقه، وقد وضع زوجي في مصحة بباريس ودفعه إلى رفع دعوى ضد ولده الذي أدخله للسجن)).
الأجهزة الأمنية المغربية، وهي مطالبة بحماية التراب الوطني من كل الشبهات، مطالبة، أو ستكون مطالبة(…) بالبحث في موضوع تلك البعتة الأمنية، التي دخلت السجن وهددت ولد صاحب المعمل طارق جاخوخ، بأن يسكت، ويوقف هجمته للدفاع عن نفسه.
مثلما السادة المسؤولون عن الأمن، وخاصة مدير الأمن الوطني، مطالبون بالبحث في موضوع تلك السيارة التي جاءت لباب البيت الذي اكتراه مصطفى عزيز ليحتجز به صاحب المصنع.. بعد أن جاءت زوجته لزيارته، فحضرت سيارة الشرطة بسرعة الأفلام لتأمرها بالانصراف، فهل يتحكم هذا الشخص، حتى في رجال الأمن الذين جالسوه وسمعوه كثيرا من المرات، يتكلم مع السي فو… والسي فلان، من المقربين، ليوهم السامعين بأنه مكلف بمهمة، بارع في استعمال وسائل الإعلام لنشر ترهات، غايتها إيهام القضاة الذين ينظرون في القضية، بأن المشتكي هو جزء من جهاز الدولة، وهذا هو العنصر الحقيقي الذي يحتم على وزير العدل، أن يقدر خطورة ما قد ينتهي إليه هذا الملف، خصوصا وأن الشخص متابع من طرف أجهزة الأمن الإفريقية.