ملف التقاعد يتحول إلى رسالة قصيرة في هواتف البرلمانيين بعد الامتناع عن دراسته
14 نوفمبر، 2014
0 3 دقائق
الرباط – الأسبوع
ماذا يقع في الكواليس؟ وما حقيقة الحرب التي تقع بين البرلمان وإدريس جطو الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات وبين الحكومة والمعارضة هذه الأيام؟ هذه الأسئلة فرضت نفسها داخل البرلمان وفي أوساط النخبة السياسية طيلة الأسبوع الماضي، بعدما تأجل اجتماع للبرلمان مع إدريس جطو لتقديم تقرير حول التقاعد أربع مرات في أسبوع واحد دون تبريرات علنية لسبب هذا التأجيل، بل شمل الصمت أيضا أسباب التراجع على عقد لقاء مشترك كما كان مقررا في البداية بين مجلس المستشارين ومجلس النواب. فتراجع بيد الله وتمسكه بعدم عقد هذا الاجتماع جعل اللقاء يصبح مشتركا بين لجنتين من مجلس النواب فقط هما: لجنتي المالية والتنمية الاقتصادية ولجنة مراقبة المالية العمومية بمجلس النواب، قبل أن يلغى هذا الاجتماع المشترك بدوره دون ذكر الأسباب ويصبح اللقاء من تنظيم لجنة واحدة هي لجنة مراقبة المالية العمومية بمجلس النواب، قبل أن تتراجع بدورها عن تنظيم هذا اللقاء دون إعلان السبب الحقيقي.
“الأسبوع” اتصلت بأكثر من طرف لإعادة ترتيب الصورة المشتتة والوقوف على خبايا ما يجري ويدور في هذه الحرب الطاحنة سرا، التي اختلطت فيها مصالح الحكومة والبرلمان مع مصالح الأحزاب ومؤسسات دستورية عدة.
بداية الحكاية كانت مع إعلان “إلكتروني” وتوجيه رسالة “SMS” إلى جميع النواب والمستشارين لحضور لقاء مشترك للمجلسين مع إدريس جطو رئيس المجلس الأعلى للحسابات خلال صباح يوم الأربعاء قبل الماضي، سيقدم خلاله المجلس الأعلى للحسابات مقترحاته ورؤيته لإصلاح نظام التقاعد ببلادنا، قبل أن يتوصل النواب والمستشارون برسالة هاتفية عاجلة ليلة الثلاثاء “ليلة عقد اللقاء”، بتأجيل هذا اللقاء دون ذكر سبب التأجيل.
في يوم الخميس الموالي سيتوصل النواب فقط دون المستشارين برسالة “SMS” تخبرهم أن اللقاء مع جطو تحول إلى مساء يوم الجمعة، وهذه المرة بين لجنتين من مجلس النواب فقط هما: لجنة المالية بقيادة النائب الإسلامي سعيد خيرون، ولجنة مراقبة الإنفاق العمومي بقيادة النائب الإسلامي إدريس الصقلي، قبل أن ينزل “SMS” ثانٍ في ليلة الخميس، يخبر النواب بتأجيل هذا اللقاء دون سبب يذكر كذلك.
وفي يوم الأحد الموالي سيتوصل النواب برسالة “SMS” أخرى تخبرهم بأن اللقاء مع إدريس جطو سيعقد يوم الإثنين الموالي، ولكن هذه المرة من طرف لجنة واحدة بمجلس النواب هي لجنة مراقبة المالية العمومية، قبل أن يتوصل النواب برسالة أخرى يوم الإثنين يخبرهم بتأجيل اللقاء إلى أجل غير مسمى دون ذكر الأسباب، فما هي الأسباب الخفية وراء هذا التأجيل الذي وصفه النائب أفتاتي بأنه عرقلة من الدولة العميقة؟
“الأسبوع” علمت من مصادر مطلعة أن القيادي المثير في الأصالة والمعاصرة المحامي عبد اللطيف وهبي هو أول من دفع في وجه بيد الله ورشيد الطالبي العلمي بعدم دستورية عقد هذا اللقاء للبرلمان بغرفتيه مع إدريس جطو، على اعتبار أن عقد اللقاءات المشتركة بين الغرفتين محدد في الدستور ويخص حضور خطاب الملك أو الاستماع لتقارير سنوية من مؤسسات دستورية ينص الدستور صراحة عليها، ولم يتطرق الدستور مطلقا لمثل هذا اللقاء خاصة إذا علمنا أن إدريس جطو أعد دراسته حول التقاعد من تلقاء نفسه دون طلب البرلمان له، وأراد بصفة شخصية أن يمررها في البرلمان.
هذا الدفع الدستوري جعل بيد الله يعلن انسحاب مجلس المستشارين بصفة عامة من هذا اللقاء، بينما رشيد الطالبي العلمي فقد استسلم لضغوط النواب الإسلاميين الذين سارعوا لمحاولة عقد هذا اللقاء بمجلس النواب، في إصرار على استقبال جطو من طرفهم، مما أثار الكثير من التساؤلات حول المصالح السرية المشتركة بين الطرفين.
ذات المصادر المقربة من وهبي لم تقتنع بجدوى الدفع القانوني وحده بل أكدت أن الاعتراض لا يخفي معركة وحسابات سياسية بين أطراف عدة في هذه العملية، أولها: مضمون الدراسة التي أعدها جطو حول التقاعد والتي كان يعلم نواب العدالة والتنمية أنها في صالح أطروحة الحكومة، وبالتالي أراد أن يفشل بها الإضراب العام، ويفشل بها دراسة مجلس نزار البركة في نفس المجال التي كانت ستظهر بعد دراسة جطو، خاصة وأنها تقترب من مطالب النقابات ليس مثل دراسة جطو التي تقترب من رواية ورؤية الحكومة.
جهات أخرى رأت في إصرار نواب العدالة والتنمية على استضافة جطو بالبرلمان والترحيب به، هو تقارب وتصالح بين الطرفين بحيث هناك توجيهات يقدمها جطو تأتي مطابقة لآراء الحكومة ولحزب العدالة والتنمية في جميع المجالات بما فيها وعده لهم بافتحاص الجامعات التي يدبرها خصومهم وغيرها من الجامعات، مقابل سكوت العدالة والتنمية في المقابل على فشل إدريس جطو في إصلاح صناديق التقاعد حين كان رئيسا للحكومة ما بين “2002 و2007″، بل إغراقه للإدارة المغربية بمخطط فاشل اسمه المغادرة الطوعية للموظفين.
فهل يقف الصراع بين كل هذه الأطراف عند هذا الحد أم ستنفجر مع مرور الأيام مصالح ملفات ثقيلة قد تتجاوز مبنى الحكومة والبرلمان معا؟