الرأي

الـــــــــــرأي | مراكش تستقبل أزيد من 800 شخصية لمناقشة مشاكل إفريقية

بقلم. محمد بركوش

       احتضنت مراكش الفيحاء المضيافة ما بين 13 و16 من شهر أكتوبر الملتقى التاسع لمنتدى التنمية بإفريقيا، حول موضوع مهم إن لم يكن أكثر أهمية “أنماط التمويل المبتكرة من أجل التحول في إفريقيا”، وهي المرة الأولى التي يتحرر فيها المنتدى منذ 1999 بانعقاده خارج مقر اللجنة الاقتصادية للأمم المتحدة لإفريقيا بأديس أبابا، كإشارة للرغبة الأكيدة والطموح الكبير في التحرر بصفة شاملة، وقد حضرته شخصيات عديدة تجاوز عددها 800 شخصية، منها قادة دول وحكومات ووزراء ورجال أعمال وممثلون عن المجتمع المدني، إضافة إلى الخبراء والاقتصاديين والمهتمين الذين لهم علاقة بالموضوع الهام، حضرت لتدارس “تعبئة الموارد الوطنية والتدفقات المالية غير المشروعة” والتي تجد في إفريقيا المرتع الخصب، زيادة على البحث من جديد على أشكال متنوعة ومتطورة للشراكة، وتمويل التغيرات المناخية، هذه الأخيرة التي قيل عنها بأنها تكلف القارة الكثير بسبب الجفاف والأعاصير، نظرا لما تخلفه تلك الظواهر من أضرار تحتاج في كل مرة إلى ترميم وإصلاح.

أربعة أيام بالكامل دون كلل أو ملل قضاها المشاركون الذين جاءوا مثقلين بالهم الإفريقي ومشاكل القارة داخل فضاء متعدد الألسن والاتجاهات، ولكنه موحد في الحلم الذي يراود كل الأفارقة بدون استثناء، حلم الانفلات من بوتقة التخلف والفقر والبطالة والأمية والجوع، قلت قضوها في حوارات ونقاشات جادة من أجل “إرساء تعاون بين السلطات ومؤسسات تنظيم الأسواق المالية الإفريقية، وملاءمة التشريعات الخاصة بأسواق الأسهم، والمضي نحو إقامة تحالف للبورصات الإفريقية”، وذلك من أجل تمويل مشاريع مازالت تنتظر، وترميم تداعيات كل التغييرات التي تعيشها القارة، وإرساء آليات “اقتصاد نظيف” يحافظ على الموارد الطبيعية، ويحترم الأدوات الإيكولوجية”.

إفريقيا اليوم والتي سيصل عدد سكانها في السنوات المقبلة قرابة الملياري نسمة هي أحوج كما قال صاحب الجلالة محمد السادس إلى “شراكات متميزة من جميع الأطراف أكثر من حاجتها لدعم مشروط”، من شأن تلك الشركات أن “تنهش بدور المحفز لحشد الموارد المالية اللازمة، والدفع باندماج الاقتصاد الإقليمي إلى الأمام، والنهوض بالموقع الذي تحتله إفريقيا داخل النسق الدولي لخلق قيمة مضافة”، هي في حاجة إلى أن تكون إفريقيا للأفارقة وليس لغيرهم بأنماط جديدة من الشراكة تجعلها في “مأمن من تقلبات السوق المالية الكبرى، في ظل اقتصاد عالمي متحول”، وتؤهلها في نفس الوقت بعد نزع قبعة التبعية للدخول في مجال الاستفادة من إعادة التوازن لصالح القوى الناهضة والتي تتمثل في البرازيل والهند إلخ…”.

إفريقيا القارة البكر (نسبة 60% من أراضيها غير مستعملة بالمرة)، والتي تضم 54 دولة و1500 إثنية تواجه مشاكل عويصة ظلت عالقة بفعل تكالب المستعمر واختباره إبقاء الحال على ما هو عليه ما دامت الاستفادة بالنسبة إليه حاصلة.. مشاكل منحدرة إن صح التعبير أو متولدة بالتدقيق من الفقر وسوء توزيع الثروات الهائلة التي تزخر بها المنطقة، وهشاشة الاستقرار وضعف الحكامة الرشيدة، ناهيك عن الأمية الضاربة بأطنابها في وسط تضعف فيه البنية التحتية ويعلو مؤشر الانفجار السكاني، ولذلك هي في حاجة إلى استراتيجيات محكمة تساعد على إرساء تعاون جنوب- جنوب وإلى جهود جبارة من سواعدها وأبنائها، وبمساعدة الدول التي تتمتع أو تمثل بالأحرى نماذج رائدة في هذا المجال (المغرب مثلا)، وذلك لتشجيع الاندماج، ودعم المقاولات الصغرى والمتوسطة، وتعبئة الموارد الوطنية التي بإمكانها أن تغلق البواب وراء المنتهزين الذين لا ينظرون للقارة إلا من خلال ثرواتها وخيراتها، والاستفادة من المساعدة والدعم اللذين يقدمان من دول صديقة وشقيقة كالمغرب الذي أحدث قطبا لصندوق إفريقيا 50، المخصص لتمويل البنيات التحتية بإفريقيا، زيادة طبعا على العمل بكل مسؤولية وبكل جدية ووطنية وبشكل ديمقراطي على استغلال الموارد الداخلية لتغطية حاجيات القارة في تمويل التنمية، وذلك بالرفع من مستوى الادخار وتطوير أسواق الرساميل، وربطها بالاستثمارات الخارجية، والحد من تهريب الأموال (50 مليار دولار تهرب سنويا، وهو ما يفوق الدعم العمومي للتنمية الذي تتلقاه القارة كلها)، وإعطاء مناخ الاستثمار ما يستحق من عناية وتشجيع، لأنه من أهم الروافد التي يقوم عليها تمويل التنمية بإفريقيا، وهذا ما يدفع إلى القول بالحاجة إلى قضاء نزيه وفعال، وإدارة قوية وسريعة تخضع في تعاملها ومعاملاتها للشفافية والمساطر غير المعقدة، وإلى أبناء في مستوى اللحظة الحاسمة التي تعول عليها القارة لاسترجاع الرغبة المصادرة بسبب “ما تم تكريسه من تبعية اقتصادية وضعف الدعم وانعدام نموذج تنموي مستدام” كما قال صاحب الجلالة محمد السادس في خطابه الذي ألقي في الدورة 69 للجمعية العامة للأمم المتحدة.

إن مؤشرات مستقبلية واعدة آتية من أهمية المرحلة التي تقف عندها إفريقيا الآن، آتية من المستقبل الزاهر الذي يتطلع إليه الأفارقة، وهي أهمية فرضها التحول العميق والوعي المتجذر وحركة التاريخ العام للأجناس البشرية وللإمكانات الهائلة التي تزخر بها من أراض شاسعة بمساحات لا نهاية لها (ولا توفر للأسف الأمن الغذائي لساكنتها)، مؤشرات قلت توحي بآت لا محالة مفكر فيه حاليا ومخطط له من مدينة الخلود مراكش الحمراء التي تعتز مع باقي المدن المغربية بالانتماء الإفريقي، حيث سيتم إنجاز كل التوصيات وتطبيق كل القرارات بقوة وبإتقان خاصة ما يخص الإنجاز الزراعي المطلوب أن يتضاعف، ويحقق اكتفاء ذاتيا، ومكافحة الأنشطة الإجرامية كما قالت وزيرة المالية بالرأس الأخضر، والتي تطيل أمد ارتهان القارة للدعم الخارجية، ومنع تدفق الأموال “الفاسدة” والتي يتراوح حجمها حسب حسن ناصر ما بين 50 و148 مليار دولار في السنة، وتقوية القدرات المؤسساتية كما قال صاحب الجلالة والانسجام بين الجهات والأجيال وتأهيل العنصر البشري”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى