الرأي
أسعار الفنادق والمطاعم في المغرب.. ضعف أسعارها في ألمانيا وإسبانيا
بقلم. رمزي صوفيا
كان الشيء الوحيد الذي شد انتباهي وأثار استغرابي هو أن أسعار الإقامة في فنادق المدن الألمانية وأثمنة تناول الوجبات في مطاعمها، يكاد يصل إلى نصف أسعار نفس الخدمات المقدمة في فنادق ومطاعم المغرب، مع العلم أن عمال وأطر تلك المؤسسات يتقاضون أربعة أضعاف أجور من يعملون في نفس المجالات في المغرب..
———————
منذ بضعة أسابيع فقط كنت في برلين الألمانية، وكناك تنقلت ككل من يزورون هذا البلد الأوروبي الجميل بين مطاعمها لتناول وجباتي اليومية، وتجولت بين فنادقها كعادتي خلال مقامي الاستجمامي أو العلاجي هناك من وقت لآخر، ونوعت جلساتي بين مطاعم برلين الغريبة وجنوب ألمان
وكان الشيء الوحيد الذي شد انتباهي وأثار استغرابي هو أن أسعار الإقامة في فنادق هذه المدن وأثمنة تناول الوجبات في مطاعمها، يكاد يصل إلى نصف أسعار نفس الخدمات المقدمة في فنادق ومطاعم المغرب، مع العلم أن عمال وأطر تلك المؤسسات يتقاضون أربعة أضعاف أجور من يعملون في نفس المجالات في المغرب، حيث يتقاضى عامل عادي في تلك المؤسسات حوالي ألف أورو شهريا أي ما يعادل أكثر من مليون ومائتي سنتيم مغربي، في حين أن أجر هذا العامل هنا في المغرب لا يتجاوز بالكاد ثلاثة آلاف درهم! هذا مع الإشارة إلى أن أسعار اللحوم، والأسماك، والخضر في المغرب لا تصل حتى نصف أسعارها في ألمانيا، بفضل الخيرات التي حبا الله بها المغرب.
ولنا هنا أسئلة نطرحها على من يرتادون مطاعم وفنادق المدن الكبرى بالمغرب وخاصة منطقة عين الذئاب، حيث يجد كل الذين يزورون الدول الأوروبية ذلك الفرق الشاسع الذي ذكرته بين أسعار تناول وجباتهم في مدن أوروبا وأسعار وجبات المطاعم الكورنيشية رغم “رخص” المواد الأولية التي يحتاج إليها لإعداد أية وجبة من الوجبات!
وحتى لا نذهب بعيدا عن موضوع مقارنتنا لأسعار الخدمات السياحية والغذائية، فها هي ماربيا التي تعتبر أجمل مصيف أوروبي على الإطلاق، والتي يرتادها كبار الشخصيات، وأغنى الأغنياء، وأشهر المشاهير لجمال طقسها وروعة شاطئها، والتي لا تبعد عن مدينة طنجة سوى بمسافة زمنية لا تزيد عن 45 دقيقة على متن الباخرة، حيث يؤمها آلاف المغاربة خلال فصل الصيف للاستمتاع بطيب السياحة فيها، والتبضع من أسواقها بما لذ وطاب من ملابس، وإكسيسوارات، وديكورات، ومواد للتجميل، والتعطر. حيث إن أسعار كل تلك المقتنيات وأسعار الوجبات والإقامة في فنادق هذا المنتجع الجميل هي أقل بكثير من أسعار نفس المقتنيات ونفس الخدمات في المغرب، وهذه تفاصيل يعرفها كل زوار ماربيا الرائعة الجمال صيفا وشتاء. بل حتى أصحاب المطاعم يعلمون بالفارق بين الأسعار التي يطلبونها من زبنائهم في المغرب والأسعار التي يطلبها زبناؤهم في ماربيا، والتي هي أقل بكثير من أسعارهم! حتى إنهم هناك في ماربيا يستقبلون في مطاعمهم أصحاب الشقق الذين يتوافدون عليهم لرخص أسعار وجباتهم وجودة خدماتهم، وهذا هو ما يمكننا حقا أن نسميه الاستقطاب السياحي والذكاء الذي يجلب المزيد من الأرباح.
إن المغالاة في تقدير أسعار الوجبات داخل المطاعم المصنفة والمقاهي الراقية بالدار البيضاء بالخصوص، لا تخضع لأية مقاييس حتى صرنا نشعر بأن كل صاحب مطعم يقدر أسعار وجباته حسب هواه. والدليل على ما أقوله هو أنك عندما تجلس داخل مقهى بشارع أنفا، أو بكورنيش عين الذئاب، أو بمنطقة المعاريف مثلا، فإنك تضطر لدفع مبلغ لا يقل عن 30 درهما عن كأس من القهوة. كما تدفع مبلغ 20 درهما عن قطعة كعك، أو 20 درهما عن قطعة كعك مثلج، وعندما تتجول بمقاهي ومطاعم وفنادق وحتى أماكن بيع الحلويات بالأحياء البيضاوية الراقية، فإن منطق الربح السريع وعدم احتساب المواد الأولى حسابا واقعيا هو الذي يسود. الدليل أنني عندما كنت في مطار محمد الخامس، وشعرت بالعطش اشتريت قارورة من الماء المعدني الحجم الصغير، والتي تباع عادة في محلات البقالة بدرهمين فقط، فباعها لي متجر مطار محمد الخامس بمبلغ 17 درهما، بدون حسيب أو رقيب!!
إني أتوجه بندائي أولا، إلى ضمائر الحية من أصحاب المطاعم والفنادق بالمغرب والذين أذكرهم بأن الاستثمار على المدى الطويل لا يكون بهذه الطرق وبهذه الأساليب، وأن أوجب واجباتهم تجاه وطنهم هي مراجعة طرق تقديرهم لأسعار خدماتهم ووجباتهم حتى يطول عمر استثماراتهم، وحتى يعطوا انطباعات جيدة عن المغرب أمام الأجانب من سياح ومستثمرين. كما أهيب بوزارة السياحة بأن تجري تحقيقات حول هذه المواضيع، وتدقق في الطريقة التي يعتمدها هذا وذاك في تقدير الأسعار داخل مؤسساتهم، والتي تجعل تلك الأسعار الفسيفسائية محل ألف سؤال إذا قارناها بمثيلاتها وراء البحر الأبيض المتوسط!!
تتمة المقال تحت الإعلان