الرأي

اختيار جامعة القاضي عياض بمراكش ضمن أحسن الجامعات في العالم

الأسبوع – محمد بركوش

       فاتح أكتوبر من السنة الجارية أو الحالية سيبقى بلا شك يوما مشهودا أو منقوشا في سجل جامعة القاضي عياض بمراكش الحمراء، يوما ليس كالأيام الأخرى، يستحق أن يؤرخ به لمسيرة رائدة قادها كل العاملين بالجامعة دون استثناء، لماذا؟ لأنه اليوم الذي دخلت فيه المؤسسة خانة التصنيف العالمي الخاص بأحسن الجامعات في العالم برمته، ونالت بتفوق وحظوة ومكانة متقدمة إلى جانب جامعات لها شهرة عالمية كممثل وحيد للعالم العربي وشمال إفريقيا حسب إشارة رئيس الجامعة بمراكش، كل ذلك نتيجة “قدرتها على التطور السريع وتكريس الوجود دوليا”، ذلك الوجود الذي سبق أن منحها مرتبة ممتازة (83 ضمن أكثر من 700 جامعة)، وفق تصنيف آخر هو تصنيف “دوبريكس إندايمير جينغ إيكونومي رانكينغ” لسنة 2014، وهو تصنيف تشرف عليه مؤسسات عالية وجامعات عالمية وشخصيات بارزة، حيث يعتمد فيه على “سمعة المؤسسة الجامعية وبحوثها العلمية المؤثرة، وحجم مساهماتها في مجال الابتكار والإبداع، زيادة على انفتاحها على العالم ورصدها للاتجاهات السائدة في مجال البحث والابتكار التكنولوجي وتحقيق نتائج ذات قيمة مضافة عالية”.

حدث تاريخي بالنسبة لجامعة القاضي عياض وللجامعة المغربية بصفة عامة، وإن لم يلتفت إليه (لأننا لا نهتم إلا بالرقص والكرة والشيخات)، حدث كان متوقعا بعد طول انتظار واجتهاد منجذب بسحر مساحة المدى والكون، شارك في خلقه أناس (من طينة خاصة) وقعوا كمسؤولين وأساتذة وأطر وموظفين وعاملين وطلبة على موعد مع الغد المغاير للسائد الآن وقبل الآن، أناس عبقريون ببساطتهم (كما قال شمعون ليفي ذات مرة) ليس لهم من مشاع الحياة سوى رأسمال غير مادي يتسابقون من أجل تقديمه كهدية لمغرب جديد يعرف كما قال صاحب الجلالة أين يسير، كما يعرف مؤهلاته التي ضخمت من عدد حساده، ووضعه رهن إشارة الجميع من أجل “إعادة هيكلة البحث العلمي”، وتطوير استراتيجية العمل، و”الفعالية السياسية” كما قالت رئاسة الجامعة للرفع من درجة ومنسوب الابتكار البيداغوجي (موك).

لقد ثبت بكل وضوح وبكل جلاء أيضا أن الذرائع التي كانت تستغل وإن بصدق نية لم تكن في استطاعتها إخفاء غيمة ماطرة “تسقي عسلا” كما قالت الشاعر ماجدولين استفاقت معها فرحة المياه واستمرت إضاءة الأفق التي غمرت الجامعة والأحياء المحيطة بها، وتأكد بالملموس أن الفاعل الحقيقي في المجال التعليمي لن يكون منتجا وذا قيمة إضافية أو مضافة إلا إذا كان يتحرك بخلفيات سليمة أهمها مصلحة الجامعة والطالب وجعلها فوق كل الاعتبارات وضمن الأولويات كما أشار إلى ذلك رئيس الجامعة في بلاغ نشر سابقا، ولذلك لم يتأخر الأساتذة (ذكورا وإناثا) في المساهمة اللامشروطة في خلق الحدث الذي تحدثت عنه بدراسات متميزة ومشاريع بحثية مستمرة (وليست ظرفية تخضع للنسق السريع أو الاستثنائي كما قال الأستاذ رضوان زهرو)، بحوث في مستوى عال من الجودة والإبداع الذي يهزم إن صحت الكلمة حالة الرداءة والركود والتقليد الأعمى (الغش الأعمى) هذا الأخير الذي يعتبر في نظر الجيدين والنشيطين العدو رقم 1 للابتكار وإظهار المؤهلات، التي من شأنها إذا ما توفر المجال الخصب والإمكانات الكافية والتشجيع الدائم الذي يطمس حفرة التهميش أن يقود إلى الارتقاء والتربع إلى جانب الجامعات العالمية على كراسي المراتب الأولى، وهي التي يشتغل الكل من أجلها اليوم في تحد واضح وتنافس شريف وسباق غير محموم عبر المسافات التي تفصل جامعاتنا عن مرافئ الامتياز وسلالم الشهرة ومواقع الاستواءات الآمنة كما سماها أحدهم.

إن تصنيف الجامعة التي اختير لها اسم عالم شغل الدنيا بفكره وفلسفته وعلومه الوافرة، إن تلك الجامعة وفي غمرة الانتشار بارتقاء السلم استطاعت أن تزيح قطرات ندى كانت تتربص بالمحيط: أن تزيح بقايا ظلمات ما قبل الفجر، وأن تقلع “شوكة” كانت غائرة في خصرها بسبب سوء التفاهم ليس إلا، بعد أن لمس الجميع أن تربة الفضاء الجامعي رغم بعض الهشاشة (وهذا شيء طبيعي) ليست قابلة ببث سموم التفرقة، نظرا للمناعة المكتسبة بكل مواصفاتها ونظرا أيضا للحاجة وفي هذا الظرف بالذات إلى الاتحاد وجمع الشمل، وإلى تكثيف الجهود أكثر من السابق وتوجيهها صوب هدف واحد هو خدمة الجامعة والجامعة لوحدها خارج كل الصراعات والإيديولوجيات، ولذلك وكما نبهني إلى ذلك بعض الإخوان، إن الذين لهم غيرة على الجامعة (وهي من الغيرة على الوطن) قلت لذلك وضعت كل العدة القديمة جانبا وعلى وجه السرعة ودون انتظار، لأن الوقت لا يرحم، واختير نهج أو منهجية بلمسات موفقة يمكنها أن تفي بالغرض المطلوب والهدف المنشود، إذا ما توحدت الرؤيا واتجه الجميع إلى لملمة شقوق الهدنة (التي أبرمت ضمنيا في رمضان الأبرك) وإلى محو المسافات الفاصلة التي كانت في العمق لا تحفر على الاستمرارية والعمل المشترك، نظرا لما كان يسكن أذهان البعض، بسبب سوء الفهم والرغبة في استعراض العضلات في نسيان تام لأولوية الأولويات وهي المصلحة العليا كما قال الرئيس.

لنا أن نفرح مع الجامعة ومع مسؤوليها وأساتذتها وأطرها وإدارييها والمشرفين على تدبير شؤونها خاصة المالية منها، والتي تراجعت ميزانيتها هاته السنة بنسبة 7%، وهي نسبة عالية دفعت إلى التقليص من بعض الميزانيات منها ميزانية التسيير الخاصة بالرئاسة (وهذه تضحية من الرئيس)، لنا أن نفتخر ونعتز بجامعتنا العريقة، وألا ننسى ونحن في غمرة النشوة مسؤولين سابقين أعطوا وساهموا بالكثير، مثل وزير التعليم الأسبق الكنيديري، الذي مازالت بصماته تشهد على جديته وإخلاصه، والمرحوم الجبلي الذي ضحى بكل شيء، من أجل الرفع من مستوى الجامعة، إلى جانب طبعا عمداء كان لهم الفضل منذ إنشاء الجامعة في تطوير هذه الأخيرة، وهيكلتها، والدفع بها لتغزو بإشعاعها كل العالم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى